قال الأمين العام لمنتدى البركة للاقتصاد الإسلامي يوسف خلاوي ان العالم العربي و الاسلامي كان قبل خمسة عقود من الزمن مشغول بهموم التنمية ، مسكونين بهاجس الانعتاق من التبعية للآخر ، وكان حديث التنمية والاستقلال الفكري والاقتصادي والمعرفي هو هجيرا الكل وسامر المجالس ، ومحور الصفحات اليومية.
خلال تلك الحقبة التاريخية المهمة ؛ بزغ بصيص ضوء على استحياء ، على غير سابق موعد ولا توقع ، فقد احتضنت مصر – كعادتها منذ فجر التاريخ كموطن للحضارات والفكر والتنوع الخلاق – احتضنت رائدين كبيرين ومنارين مضيئين هما : صاحب السمو الملكي الامير محمد الفيصل آل سعود ، ورائد الأعمال المتوثب الشيخ صالح عبد الله كامل – أسبغ الله على قبريهما شآبيب الرحمات – جاء أولهما بألقه الملكي وتراثه الفيصلي المسكون بهاجس التضامن الاسلامي ، وجاء الآخر بتوثبه الطموح ، وفكره المبدع ، المستنير بأنوار القرآن والسنة فوجدا في مصر المحضن والمنطلق والغاية
وجدا في مصر الدعم بمختلف مستوياته ، و الفكر المتجدد ، والموارد البشرية المتخصصة جاء ذلك في كلمته التي القاها اليوم في افتتاح المؤتمر الاقليمي الأول للصكوك، و الذي يقيمه منتدي البركة للاقتصاد الاسلامي.
أضاف : فتفجرت من بين أيديهما أنهار التجديد المنبثق من عتاقة التاريخ ، وخلدا اسميهما في تاريخ صناع التاريخ ، فإذا بنا نجد أن ما بذراه – مع عدد من الرواد أمثالهما في مناطق عدة من أنحاء العالم الإسلامي- يحصد ثماره بعد عقود من الزمن صناعة عالمية راسخة الجذور وافرة الأصول شديدة الزخم واسعة الانتشار دائبة التجدد .
قال : طارت بعيدًا في كل الاتجاهات وحلقت بعيدًا في مختلف المجالات : ما بين أجندة مجموعة العشرين ، مرورا بالبنك الدولي ومؤسساته ، الى الامم المتحدة ووكالاتها ، أما البنوك المركزية فحدث عنها ولا حرج ، وأما صناديق الاستثمار الدولية ، وأسواق رأس المال العالمية فكلها أقبلت وأناخت ركابها عند خيامهم .
واليوم نرحب بكم أجمل الترحيب من خلال ثمرة واحدة من ثمار المؤسس الكبير الشيخ صالح عبدالله كامل : منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي ، حيث نلتقي هنا مجددا ، بعد عقود من الانطلاقة الاولى من مصر ، لنطلق – مع شركائنا الذين عملنا معهم سويًا بكل جد وإخلاص – باكورة مؤتمراتنا الاقليمية المتخصصة ، التي اخترنا ان يتم إطلاقها هنا : اعترافًا بالجميل ، وإعلانا للأصالة ، وإيمانًا بالدور العالمي الكبير الذي يمكن لهذا الوطن المعطاء ان يلعبه ، لا كرائد سابق فقط ، بل كبيئة مبتكرة قادرة باستمرار – وشواهد التاريخ لا تخطئ ولا تكذب – على العطاء والإشعاع لتتخذ طريقها من بين الأزمات المتلاحقة والتحديات الكبرى التي يصنعها اقتصاد الديون واللهاث وراء الربح اللا مسؤول واستغلال الأزمات وسياسة فرض الأمر الواقع .
قال إن مصر – بكل تاريخها المعطاء واحتضانها للتنوع الفكري عبر تاريخها – قادرة اليوم من خلال دراسة واختبار إمكانات الاقتصاد الاسلامي : الاقتصاد المسؤول ، اقتصاد الالتزام الاخلاقي ، اقتصاد التنمية الضاربة في جذور المجتمع ، اقتصاد الأصول الحقيقية والمشروعات النافعة ،اقتصاد الإنماء والإعمار ؛ قادرة على تطويع هذه الادوات لكل ما ينفعها وينفع ابناءها وبناتها ، كما أن رجالات مصر ونساءها قادرون اليوم على قيادة إبداع حقيقي وابتكار أصيل لحل مشكلات الدول النامية – باعتبارها مثلًا كبيرًا لكل ما تعانيه الدول النامية من تحديات وتؤمن به من إرادة حقيقية وعزيمة صادقة –
لكل هذا اخترنا ان ننطلق من هنا مجددًا لنتشارك معًا هذه الهموم الكبرى عبر سلسلة من الفعاليات المتخصصة التي تركز على دراسة التحديات والفرص ، للخروج بوصفات ناجعة تنطلق من إخلاص عميق وإيمان كامل بمستقبل مشرق.
أترككم – بعد الجلسة الافتتاحية- مع خبرائنا – وأجدد لهم ترحيبًا خاصًا بهم – ليصنعوا لنا الحدث ، ويعملوا فكرهم النير ويتشاركوا خبراتهم الكبيرة للخروج بأعمق التوصيات وأهمها.
والله أسأل ان يجعل جهدنا هذا مما يدخل في قوله الكريم ( وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.