أدرج صندوق النقد الدولي مصر علي اجتماعاته يوم 16 ديسمبر الجاري ، للتصويت علي القرض المزمع منحه للحكومة بقيمة 3 مليار دولار ، والذي وافق عليه الصندوق علي مستوي الخبراء قبل أكثر من شهر . و تحديدا في 27 أكتوبر الماضي .
و كان خبراء صندوق النقد الدولي والسلطات المصرية قد توصلوا في 27 أكتوبر الماضي إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن السياسات الاقتصادية الشاملة والإصلاحات التي سيتم دعمها بترتيب تسهيل الصندوق الممدد (EFF) لمدة 46 شهرًا بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي.
وو فقا لتصريحات الدكتور محمد معيط وزير المالية سوف تحصل مصر علي نحو 750 مليون دولار من قيمة القرض الاجمالية قبل نهاية العام الحالي ، أي ما يعادل ربع قيمة القرض فقط .
و يتوقع الخبراء ان تقوم مصر بتخفيض سعر العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي خلال الأيام القليلة المقبلة ، وسط تحديات محلية وعالمية علي رأسها التضخم و تذبذب اسعار السلع .
سعر الصرف
و فيما لم تتجاوز قيمة الدولار داخل البنوك المحلية ال 25 جنيها حتي عقب اتخاذ البنك المركزي في شهر أكتوبر الماضي قرارا بتحرير سعره ، شهدت أسواق تسعير السلع الهامة مثل السيارات و الذهب تسعير الدولار عند مستويات وصلت حتى أمس الي نحو 33 جنيها ، ما دفع الذهب الي مستويات قياسية لم يصلها قبل ذلك ، وهو ما وصفه بعض المتابعين بأنه سعرا غير حقيقيا سيهبط بعد ذلك ، لكن لا يزال تسعير الدولار داخل البنوك بعيدا تماما عن سعره الحقيقي وسط حالة من شح العملة الصعبة وتراجع كافة الايرادات الدولارية الحكومية بما فيها تحويلات المصريين من الخارج .
حقوق السحب
و بالاضافة الي ال 3 مليارات دولار الممنوحة من الصندوق و التي تمثل حقوق السحب المتاحة لمصر ، كذلك يُتيح الاتفاق القدرة على الحصول على تمويل إضافي قدره 1 مليار دولار من خلال “صندوق المرونة والاستدامة” الذي تم إنشاؤه حديثًا بصندوق النقد الدولي، كما سيتيح الاتفاق حصول السلطات المصرية على حزمة تمويلية خارجية إضافية وبشروط تمويلية ميسرة تبلغ نحو 5 مليارات دولار وذلك من خلال عدد من المؤسسات الدولية والإقليمية.
القرض الرابع خلال 6 سنوات
و القرض الذي سيحسم الصندوق أمره يوم 16 ديسمبر الجاري هو القرض الرابع لمصر خلال 6 سنوات، و ستبدأ مصر معه حقبة جديدة من الإجراءات الإقتصادية أبرز ملامحها التحرير الكامل لسعر الصرف ، و تخفيض دعم الوقود، فضلا عن التخلي عن بعض الأصول المملوكة للدولة وتمكين القطاع الخاص من الإستثمار بها ، طبقا للخطة الموضوعة فى وثيقة الدولة التي أطلقتها الدولة مؤخرا، و التى ستشمل تخلى الدولة عن كامل حصتها المملوكة فى عدد من الكيانات الإقتصادية أو التخلي عن حصة فقط من كامل حصتها أو الاحتفاظ بكامل الحصة ، ولكل حالة شروطها وهو ما أشارت إليه بوضوح عبر رسائل المؤتمر الإقتصادي الذي نظمته قبل يومين.
وأعلنت السلطات المصرية ممثلة فى البنك المركزى المصرى، ووزارة المالية مع نهاية زيارة الوفد المصرى إلى واشنطن، نجاح الزيارة والإجتماعات الفنية التى تمت خلال الأسبوع الثالث من أكتوبر الجاري بين الجانب المصرى ومديرى وخبراء صندوق النقد الدولى؛ مما أسفر عن إتفاق كامل حول السياسات والإصلاحات الإقتصادية والهيكلية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى الجديد، الذى سيكون مدعومًا من صندوق النقد الدولى.
يتضمن البرنامج الإصلاحى للسلطات المصرية 3 محاور رئيسية، تتمثل فى الإصلاحات والتدابير الخاصة بالسياسة المالية، والسياسة النقدية والإصلاحات الهيكلية للإقتصاد المصرى.
مصر أكبر ثاني دولة مدينة للصندوق
و تعتبر مصر ثاني أكبر دولة مدينة للصندوق فى العالم بعد دولة الأرجنتين ، ولكن بتحليل بيانات الدول الخمس الأكبر استدانة من الصندوق، تجد أن نسبة الدين إلى عدد السكان أو الناتج المحلى الإجمالي ، لا تزال فى الحدود المقبولة إذا ما قورنت بباقى الدول الأربع وهى الأرجنتين، وأوكرانيا ، والاكوادور ، و باكستان .
وبدأت مصر منذ نحو ست سنوات التعاون مع صندوق النقد الدولي، وحصلت على قرض بنحو 12 مليار دولار في 2016 ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي.
ثم في العام الماضي، ونتيجة لتداعيات أزمة كورونا، حصلت على قرض بآلية التمويل السريع بقيمة 2.77 مليار دولار.
ثم قرض آخر ضمن برنامج الاستعداد الائتماني بقيمة 5.2 مليار دولار.
مصر بين تعويمين
منذ تحرير سعر الصرف فى 3 نوفمبر عام 2016 ، بدأت الحكومة برنامجا للاصلاح الاقتصادي بالتنسيق مع صندوق النقد الدولى ، يضمن الحصول على قرض يتوافق مع حقوق سحب مصر كعضو داخل الصندوق .
ووضعت الحكومة عددا من الأهداف المالية ترجمتها لمؤشرات ، كان أبرزها كبح جماح عجز الموازنة الكلى و البدء فى تحقيق فائض أولى كمؤشر يدل على التحسن ،
وهذا الفائض يتم احتسابه بعد استبعاد قيمة فوائد الدين المطلوب سدادها خلال العام .
ثم قام البنك المركزى المصري فى 27 أكتوبر الماضى بتحرير سعر الصرف مرة أخرى ، للبدء فى برنامج اضلاح اقتصادي جديد بالتنسيق مع صندوق النقد الدولى ،
و ذلك من أجل الحصول على قرض أخر .
ولكن كان للفترة البينية بين الاصلاحين رأى أخر ، فعلى الرغم من التوقعات الذهبية التى وضعتها الحكومة لمؤشراتها المالية ،
لاسيما فى شأن العجز الكلى والديون ، كافحت المؤشرات المالية جهود الحكومة لاسيما خلال الفترة التى شهدت تفشى فيروس كورونا عام 2021/2022 .
ترصد بوابة ” ايجي ايكونومي ” فى التقرير التالى أهداف و مؤشرات الحكومة خلال الفترة بين تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016 ، و أكتوبر 2022 .
استهدفت الحكومة تحقيق عجز موازنة قيمته 319.5 مليار جنيه خلال العام المالى 2016/2017 ،
تمثل نسبة 9.8 % من الناتج المحلى الاجمالى ، لكنها ختمت العام بتحقيق عجز قيمته 358.2 مليار جنيه بنسبة 10.5 % من الناتج المحلى الاجمالى .
فى هذا العام لم تكن الحكومة قد بدأت بعد رصد توقعاتها لتحقيق العجز أو الفائض الأولى ،
لكنها استهدفته بعد اتفاقها مع صندوق النقد الدولى كمؤشر علي التحسن و حققت فى نهاية العام عجزا أوليا قيمته 54 مليار جنيه، وبنسبة 1.6% من الناتج المحلى .
و استهدفت الحكومة وقتها سداد فوائد ديون قيمتها 292.5 مليار جنيه فيما حتمت العام المالى بسداد نحو 303.9 مليار جنيه .
وفى العام التالى لعام تحرير سعر الصرف 2017/2018 ، استهدفت الحكومة تحقيق عجزا كليا قيمته 370 مليار جنيه تمثل نسبة 9% من الناتج المحلى الاجمالى ،
فيما ختمت العام المالى بتحقيق عجز كلى قيمته 422 مليار جنيه تمثل نسبة 9.8 % من الناتج المحلى الاجمالى .
واستهدفت الحكومة تحقيق فائضا أوليا قيمته 11 مليار جنيه تمثل نسبة بنسبة 2% من الناتج المحلى الاجمالى وفى هذا العام نجحت فى تحقيقه فى الحساب الختامى .
اما حجم فوائد الدين التى سددتها الحكومة خلال العام المالى فبلغ نحو 427.4 مليار جنيه مقابل 381 مليار جنيه كانت مستهدفة خلال العام نفسه .
وفى العام التالى 2018/2019 ، استهدفت الحكومة تحقيق عجز كلى قيمته 438.5 مليار جنيه تمثل نسبة 8.4 % من الناتج المحلى الاجمالى ،
ونجحت فى ختام هذا العام من تخفيض منحنى العجز بشكل ضئيل لتصل قيمته 429 مليار جنيه تمثل 8.2 % من الناتج المحلى الاجمالى .
واستهدفت الدولة تحقيق فائض أولى قيمته 102.7 مليار جنيه تمثل نسبة 2% من الناتج المحلى الاجمالى ،
و حققت فائضا قيمته 103 مليار جنيه تمثل نفس النسبة من الناتج المحلى الاجمالى .
لم تدم استدامة تخفيض منحني العجز الكلى فى العام المالى التالى 2010/2020 ، ف
قد استهدفت الحكومة تحقيق عجز قيمته 445 مليار جنيه تمثل نحو 7.2 % من الناتج المحلى الاجمالى ،
ولكنها ختمت العام بتحقيق عجز قيمته 462 مليار جنيه تمثل نحو 7.8% من الناتج المحلى الاجمالى ،
واستهدفت ايضا تحقيق فائض أولى قيمته 124 مليار جنيه تمثل نسبة 2% من الناتج المحلى ، لكنها ختمت العام بتحقيق فائض أولى قيمته 105 مليار جنيه تمثل نسبة 1.8 % من الناتج المحلى .
و حتى الان لم تصدر اي بيانات رسمية لرصد ختامي عامى 2020/2021 و 2021 /2022 ،
ولكن التقارير المبدئية تؤكد تعاظم أزمة تخفيض عجز الموازنة بأى شكل و ذلك نتيجة ضغط أزمة تفشي فيروس كورونا التى خلفت أزمات اقتصادية فى كل دول العالم ، لاسيما الأسواق الناشئة .
ننشر فيما يلي انفوجراف رحلة المؤشرات المالية بين تعويم الجنيه فى 3 نوفمبر 29016 و 27 أكتوبر 2022 .
تجدر الاشارة هنا الى ان الحكومة أصدرت فى عام 2016 أيضا وثيقة لتعديل بعض البنود الاحصائية للموازنة
ومنها على سبيل المثال لا الحصر ان يتم وضع ديون كل جهة على موازنة الجهة وليس فى باب الديون فقط .