شهدت أسعار النفط انتعاشاً جزئياً بعد أن سجلت الأسبوع الماضي أعلى معدل تراجع أسبوعي خلال 20 أسبوعاً، وذلك على الرغم من بقاء الأسعار دون مستوى 80 دولار أمريكي للبرميل.
ويعزى الانتعاش بصفة رئيسية إلى أنباء قيام الصين بتخفيف القيود المرتبطة بكوفيد-19 وكذلك تسرب النفط من خط أنابيب كيستون مما أثر على إمدادات النفط. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت انباء عن انخفاض إنتاجية الآبار في الولايات المتحدة مع تباطؤ عمليات التكسير الهيدروليكي في توفير بعض الدعم للنفط على جبهة العرض. إلا أن حالة عدم اليقين تجاه تعافي الطلب أبقى الأسعار منخفضة على الرغم من العديد من الإجراءات الهامة على جبهة العرض بما في ذلك فرض العقوبات ووضع سقف أسعار للنفط الروسي، وخفض الأوبك وحلفائها لحصص الانتاج الشهر الماضي، واستقرار إنتاج النفط الأمريكي وعدد منصات الحفر.
تخفيف القيود لم يعزز سوق السفر الجوي
وعلى جانب الطلب، ما تزال رحلات السفر الجوي أدنى من مستويات ما قبل الجائحة بنحو 16 في المائة، وفقاً للبيانات الصادرة عن مؤسسة “OAG“. إلا ان تخفيف الصين للقيود المرتبطة باحتواء كوفيد-19 بوتيرة أسرع من المتوقع أدى إلى انتعاش حاد في سوق السفر الجوي المحلي في البلاد ليصل إلى ما يقرب من نسبة 65 في المائة تقريباً من مستويات ما قبل الجائحة كما في 12-ديسمبر-2022 مقابل 22 في المائة بنهاية نوفمبر-2022، وفقاً للبيانات الصادرة عن VariFlight. إلا انه على الرغم من ذلك، تراقب السلطات عن كثب الانتشار السريع للجائحة بعد تخفيف القيود.
وبالنسبة للعام بأكمله، من المتوقع أن ينخفض الطلب على النفط في الصين بنسبة 2 في المائة في العام 2022، وفقاً لوحدة الأبحاث التابعة لمؤسسة البترول الوطنية الصينية. من جهة أخرى، كانت هناك إشارات تحذيرية للأداء الاقتصاديفي الولايات المتحدة كما يتضح من النمو الأخير لتوقعات البطالة للعام 2023 بناءً على مسح وكالة بلومبرج. وحذرت التوقعات من دخول الولايات المتحدة في حالة انكماش اقتصادي في العام 2023، وصرح الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أيضاً أن إمكانية حدوث ذلك تصل إلى نسبة 50 في المائة.
الطلب علي النفط في الهند
في ذات الوقت، ظل الطلب على النفط في الهند قوياً، حيث كشفت أحدث البيانات عن تزايد الطلب على الديزل بنسبة 19 في المائة على أساس سنوي في نوفمبر-2022 وزاد الاستخدام الإجمالي للمنتجات النفطية بنسبة 10 في المائة، ليصل بذلك إلى أعلى المستويات المسجلة منذ مارس-2022.
انخفاض الطلب بعد كورونا علي السيارات الكهربية
كما كشف تقرير صادر عن Auto Trader عن أول انخفاض للطلب بعد الجائحة على السيارات الكهربائية نتيجة لارتفاع التكاليف المعيشية وكذلك تزايد تكاليف الكهرباء. ودفع التقرير توقعات السيارات الكهربائية لتمثل 50 في المائة من مبيعات السيارات الجديدة في المملكة المتحدة بحلول العام 2027.
وعلى صعيد العرض، ظل إنتاج النفط في الولايات المتحدة محدود النطاق وسجل زيادة قدرها 100 ألف برميل يومياً ليصل إلى 12.2 مليون برميل يومياً خلال الأسبوع المنتهي في 2-ديسمبر-2022. وأظهرت أحدث بيانات الأوبك تراجع الإنتاج للشهر الثاني على التوالي في نوفمبر 2022 مما يعكس قرارات تجديد خفض حصص الإنتاج التي أعلنت عنها الأوبك وحلفائها في وقت سابق. إذ انخفض الإنتاج الإجمالي للأوبك بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً، وفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبرج، فيما يعد أكبر انخفاض منذ يونيو-2020 ليصل إلى 28.8 مليون برميل يومياً. وسجلت كافة دول الأوبك تقريباً انخفاضاً شهرياً في الإنتاج خلال الشهر مما دفع الطاقة الإنتاجية الفائضة للمجموعة للوصول إلى 5.3 مليون برميل يومياً.
الاتجاهات الشهرية لأسعار النفط
واصلت أسعار النفط تراجعها منذ الأسبوع الأول من نوفمبر-2022 نتيجة الشكوك المتعلقة بسياسة الصين الصارمة لاحتواء فيروس كوفيد-19 وتأثيرها على الطلب على النفط.
واستمر التراجع في ديسمبر-2022 بعد صعوده مبدئياً لفترة وجيزة، ليصل بذلك الانخفاض الإجمالي إلى ما يقرب من نسبة 22.8 في المائة أو ما يعادل تراجع السعر بمقدار 22.5 دولار أمريكي للبرميل، وصولاً إلى أدنى مستوياته المسجلة في عام تقريباً عند 76.2 دولار أمريكي للبرميل في 8-ديسمبر-2022.
ويعزى التعافي الجزئي بنحو 3 في المائة الذي شهدناه خلال جلستي التداول السابقتين مع وصول الأسعار إلى 78.4 دولار أمريكي للبرميل بصفة رئيسية إلى التفاؤل بشأن تعافي الطلب في الصين بعد أن أعلنت الحكومة عن عدة إجراءات تهدف إلى تخفيف القيود فضلاً عن تزايد الشكوك بشأن توسع إنتاج النفط الصخري الأمريكي.
كما ساهم أكبر تسرب للنفط منذ العام 2010 في خط أنابيب كيستون الأمريكي والذي ينقل 0.6 مليون برميل يومياً من النفط بين الغرب الأوسط الأمريكي وكندا في رفع الأسعار.
وكشفت أحدث البيانات المتعلقة بعدد منصات الحفر النفطي الصادرة عن شركة بيكر هيوز انخفاض منصات النفط الأمريكية للمرة الأولى في ستة أسابيع بتسجيلها لانخفاض بمقدار حفارتين لتصل إلى 625 منصة حفر خلال الأسبوع المنتهي في 9 ديسمبر 2022.
تنفيذ العقوبات علي النفط الروسي
وشهد الشهر أيضاً تنفيذ العقوبات التي نوقشت كثيراً على النفط الروسي المنقول بحراً مع إعلان دول مجموعة السبع ودول الاتحاد الأوروبي عن تحديد سقف للأسعار قدره 60 دولار أمريكي للبرميل. إلا أن مراقبي النفط ظلوا متشككين في تأثير سقف الأسعار حيث يتم تحويل الجزء الأكبر من النفط الروسي إلى السوق الآسيوية، وخاصة إلى الهند والصين. وقالت وكالة الطاقة الدولية، في تقرير حديث لها، إن برودة الجو في أوروبا أدت إلى ارتفاع أسعار الكهرباء بشكل كبير وحذرت من أن العام المقبل قد يحمل اختباراً أكثر صعوبة للمنطقة.
وظل متوسط التغيرات في أسعار النفط متفاوتاً خلال شهر نوفمبر-2022. وبلغ متوسط سلة نفط الأوبك 89.7 دولار أمريكي للبرميل خلال الشهر مقابل 93.6 دولار أمريكي للبرميل في أكتوبر-2022، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 4.2 في المائة. كما تراجع سعر خام النفط الكويتي بنسبة 4.8 في المائة إلى 90.1 دولار أمريكي للبرميل، بينما تراجع متوسط سعر مزيج خام برنت بمعدل أقل عند 2.2 في المائة ليصل إلى 91.1 دولار أمريكي للبرميل.
الطلب على النفط
وفقاً لأحدث تقرير شهري صادر عن منظمة الأوبك، تم الإبقاء على توقعات نمو الطلب على النفط للعام 2022 عند مستوى 2.5 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 99.6 مليون برميل يومياً خلال العام. إلا انه قابل ذلك تعديل التقديرات على أساس ربع سنوي مما ساهم في تعويض ذلك على مستوى العام بأكمله.
وتم رفع تقديرات الطلب للربع الثالث من العام 2022 بدعم من الطلب على وقود النقل الذي فاق التوقعات في منطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وعلى الرغم من ذلك، قابل هذا التعديل التصاعدي خفض تقديرات الطلب للربع الرابع من العام 2022 على خلفية تباطؤ متطلبات النفط من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نتيجة لقلة التنقل وانخفاض الإنتاج الصناعي بصفة رئيسية في الصين بسبب تطبيقها لسياسة صفر كوفيد.
ومن المتوقع أن يكون الطلب في الولايات المتحدة في الربع الرابع من العام 2022 مدعوماً بوقود التدفئة والطلب على السفر الجوي، وهو الأمر الذي سيقابله جزئياً الرياح المعاكسة على الجبهة الاقتصادية بسبب التضخم المستمر.
معدل الطلب في دول OECD
أما في الدول الأوربية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فمن المتوقع أن يتأثر الطلب في الربع الرابع من العام 2022 بالقضايا الجيوسياسية وقلة الحركة ونشاط التصنيع نتيجة فصل الشتاء الذي سينتج عنه انخفاض في الطلب على البنزين والديزل. إلا أنه من المتوقع أن يساهم ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في تعزيز التحول من الغاز إلى النفط مما سيؤدي إلى زيادة الطلب على زيت الوقود ومخلفات التقطير.
ومن المتوقع أيضاً أن يظل الطلب على السفر الجوي قوياً خلال هذا الربع. وفي الصين، أدت الإجراءات الأخيرة التي تم تطبيقها لتخفيف القيود في تعزيز توقعات زيادة الطلب على المدى القريب.
ومن المتوقع أن يتعافى الطلب على السفر، حيث كشفت أحدث البيانات نمواً حاداً بعد الإعلان. كما ظل الطلب في الهند قوياً وفقاً لأحدث البيانات الأولية لشهر نوفمبر-2022، خاصة بالنسبة لوقود الديزل، هذا إلى جانب ارتفاع الطلب على البنزين.
توقعات الطلب عام 2023
وبالنسبة للعام 2023، تم الإبقاء على توقعات نمو الطلب دون تغيير عند مستوى 2.2 مليون برميل يومياً لتصل في المتوسط إلى 101.8 مليون برميل يومياً.
ومن المتوقع أن تكون الصين محركاً رئيسياً للطلب خلال العام 2023 بعد الإعلانات الأخيرة، إلا انه على الرغم من ذلك، توقعت وكالة ستاندرد أند بورز العالمية أن يظل الطلب ضعيفاً في ديسمبر-2022 ويناير-2023 على خلفية ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد-19.
وفي الولايات المتحدة، من المتوقع أن يتأثر الطلب على النفط بالتباطؤ المتوقع في النشاط الصناعي خلال الربع الأول من العام 2023 بينما من المتوقع أن تؤثر مشاكل سلسلة التوريد على نشاط التصنيع في أوروبا مما سيؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد والطلب على النفط.
معدلات العرض في أسواق النفط
سجل الإنتاج العالمي من السوائل النفطية مرة أخرى زيادة شهرية في نوفمبر-2022، وإن كان بمستويات هامشية، حيث تشير البيانات الأولية إلى تسجيل نمو شهري قدره 43 ألف برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 101.5 مليون برميل يومياً.
وكانت الزيادة خلال الشهر مدفوعة فقط بزيادة الإنتاج من قبل الدول غير الأعضاء في الأوبك بزيادة قدرها 0.8 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 72.7 مليون برميل يومياً بدعم رئيسي من زيادة الإنتاج في الدول الأوربية الأسيوية الأخرى، والدول الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا وآسيا الأخرى، والتي قابلها جزئياً تراجع امدادات أمريكا اللاتينية والأوبك التي خفضت حصتها في السوق بمقدار 70 نقطة أساس إلى 28.4 في المائة.
أوبك تبقي علي توقعات إمدادات النفط
وأبقت الأوبك في تقريرها الشهري الأخير على توقعات إمدادات السوائل النفطية من خارج الأوبك للعام 2022 دون تغيير إلى حد كبير بنمو 1.9 مليون برميل يومياً لتصل إلى 65.6 مليون برميل يومياً في المتوسط خلال العام. إلا انه تم اجراء تعديلات على مستوى كل دولة على حدة مما ساهم في تعويض المستوى الإجمالي.
وتم رفع توقعات الإمدادات في الولايات المتحدة وروسيا والبرازيل والأرجنتين بمقدار 95 ألف برميل يومياً، وهو الأمر الذي قابله خفض التقديرات الخاصة بأذربيجان والنرويج وكازاخستان والمملكة المتحدة.
ويعزى ارتفاع التوقعات إلى زيادة إمدادات الولايات المتحدة على خلفية وصول عدد منصات الحفر إلى مستويات ما قبل الجائحة، بالإضافة إلى زيادة إنتاج النفط والمكثفات في سبتمبر-2022، ومن المتوقع تسجيل نمو ثابت على مدار الأشهر المقبلة.
من جهة أخرى، أظهرت المراجعات النزولية انخفاض الإنتاج بوتيرة أقل من المتوقع في أذربيجان بالإضافة إلى الإنتاج المحدود في إحدى محطات التصدير، هذا إلى جانب مسألة تسرب الغاز في حقل كاشاجان في كازاخستان. وتم خفض توقعات الإمدادات للمملكة المتحدة والنرويج بعد أعمال الصيانة الممتدة على المنصات البحرية في المملكة المتحدة وانخفاض الإنتاج في منطقة بحر الشمال. وبالنسبة للعام 2023، لم تتغير توقعات نمو العرض إلى حد كبير والتي أشارت إلى نمو قدره 1.5 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 67.1 مليون برميل يومياً.
إنتاج الأوبك
تراجع إنتاج الأوبك من النفط للشهر الثاني على التوالي في نوفمبر-2022 على خلفية خفض إنتاج كافة دول المجموعة تقريباً. وكشفت البيانات الصادرة عن وكالة بلومبرج عن تراجع الإنتاج إلى أدنى مستوياته المسجلة في خمسة أشهر ليصل إلى 28.79 مليون برميل يومياً بعد تراجعه بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً، فيما يعد أكبر تراجع للانتاج منذ يونيو-2020. من جهة أخرى، كشفت مصادر الأوبك الثانوية عن تراجع بمعدل أقل بكثير بمقدار 744 ألف برميل يومياً ليصل الإنتاج في المتوسط إلى 28.83 مليون برميل يومياً. وعلى مستوى كل دولة على حدة، تراجع انتاج كافة الدول تقريباً خلال الشهر بعد عودة تطبيق خطة خفض الإنتاج التي أعلنت عنها الأوبك وحلفائها في أكتوبر-2022. وسجلت السعودية أكبر تراجع في الإنتاج بنحو 470 ألف برميل يومياً (404 ألف برميل يومياً وفقاً لمصادر الأوبك الثانوية) تليها الإمارات والكويت والعراق. وأظهرت بيانات الأوبك ارتفاع الإنتاج بصفة رئيسية في نيجيريا، مما عوض جزئياً الانخفاض العام.
وارتفع إنتاج النفط في نيجيريا بمقدار 92 ألف برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 1.16 مليون برميل يومياً، وفقا لمنظمة الأوبك، بعد عودة تشغيل محطة فوركادوس التابعة لشركة شل. حيث أعيد تشغيل المحطة في أكتوبر-2022 بعد انقطاع دام 10 أسابيع نتيجة لأعمال الإصلاح. وقد أدى ذلك إلى زيادة الإنتاج بمعدل ثلاثة أضعاف تقريباً الشهر الماضي ليصل إلى نحو 0.23 مليون برميل يومياً، وفقاً للبيانات الصادرة عن لجنة هيئة تنظيم البترول النيجيرية.