قام السيد الرئيس بتوجيه الحكومة لعمل كل ما يلزم من بنية تحتية وتشريعات لجذب الاستثمار المباشر الي مصر، وقامت الحكومة بإعداد القوانين وتجهيز الأراضي الصناعية وترفيقها في خطوة محمودة جدا وسلمت بعضها بالمجان أيضا وقام البنك المركزي بضرب السوق السوداء في مقتل وهو أمر كان لابد منه حتي يكون هناك سعر صرف واحد للمستثمر وهنا تم تجهيز كل شئ وانتظرنا طفرة كبيرة في الاستثمار المباشر ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن.
لم يحدث أي طفرة في الاستثمار المباشر .. والسؤال هنا لماذا لم يأتي الاستثمار المباشر؟ ولماذا لم تتحقق طفرة في هذا الأمر رغم كل ما ذكرناه ؟
هناك عدة عوامل عملت علي هذا الأمر من وجهة نظري تتمثل في الآتي
١- أن الاستثمار مناخ عام وليس فقط قوانين وقرارات وبنية تحتية .
٢- المستوي الأعلي في الحكومة متفهم جدا ولكن النزول الي المستويات الاقل في التنفيذ نجد البيروقراطية والتعقيدات والتفاصيل القاتلة التي تقتل اي فرصة للاستثمار من روتين وكم موافقات غير طبيعي .
٣- اتخاذ بعض الوزارات قرارات في مجالات اخري لم تنفذها الا لبعض الناس دون البعض وعلي سبيل المثال قرار ٤٣ لعام ٢٠١٦م وهو خاص بتسجيل المصانع المؤهلة للتصدير الي مصر وكان فيه مجموعة اشتراطات تم طلبها من المصانع وعندما تم التجهيز وإرسال تلك الطلبات الي الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات للتسجيل لا توجد نتائج بعض المصانع مستمرة لأكثر من ٣ سنوات دون تسجيل والتسجيل يتم احيانا لشركات تتقدم من شهرين او ثلاثة، مما آثار حالة من الخوف لدي المصدرين الي مصر وبالتالي نقل تلك الحالة للجهات الخارجية ، فهم ليسوا مثلنا نعمل في جزر منفصلة بل كل الأمور ذات الشان الواحد في مكان واحد، وعلية ماذا يضمن للمستثمر ان يأتي ويضخ أموالا لنا علي وعود قد لا تتحقق مثلما حدث في الشق التجاري!! المصداقية متكاملة لا يمكن فصلها فلو فشلت المصداقية والشفافية في شق تؤثر على الباقي .
٤- أسعار الفائدة بالبنوك عالية جدا علي ولا تستطيع جذب اي استثمار او حتي عمل استثمار محلي وموضوع مبادرات البنك المركزي هذا والخاص بالفوائد المخفضة يجب أن يتحول الي قوانين راسخة ثابتة. فأي مستثمر محلي او أجنبي لا يستطيع حساب تكاليف وعمل دراسة جدوي علي مبادرة قد تنتهي قبل أن يبدأ.
٥- عدم السعي الحثيث علي تخفيف الاعباء عن المستثمر الوطني المصري ، و ما دام المستثمر المصري يعاني في كل المجالات من بيروقراطية وخلافة فكيف سيأتي المستثمر الأجنبي؟ هل سيأتي ليعاني أيضا؟
٦-عدم قيام الجهاز المصرفي بدورة القوي والأساسي في المجال الصناعي ، فالاستثمار الصناعي يحتاج أولا الي تسهيل شروط الائتمان والاقراض وان تكون الفائدة منخفضة لا تتعدي ٥% وفترات السداد لا تقل عن ٧ سنوات ، هكذا سيتم تشجيع المستثمر المحلي أولا ومن ثم الأجنبي
٧- التعامل الضريبي يجب أن يأخذ شكلا مختلفا مع الاستثمار فيجب تعديل المنظور انها ليست جهة جباية وليست دوما تنظر للعميل انه متهرب
بل يجب الانتهاء من هذا الأسلوب وان تبني علاقة من الاحترام والود بين الطرفين فيها الثقة والحسم.
٨- يجب تكسير يد المحتكرين وممارساتهم الاحتكارية في السوق مهما كانوا ومهما كانت استثماراتهم لانهم الخطر الأول علي اي فرص استثمارية فرأس المال جبان ويريد الدخول الي سوق فيه منافسة عادلة وليست ممارسات احتكارية.
٩- أن يكف بعض المسؤولين عن الإدلاء بتصريحات قد لا يعلموا معناها ومردودها فتؤثر سلبا علي الاستثمار المباشر مثل أننا في حالة حرب ضد الإرهاب او أننا نتعرض لمؤامرات وان الوضع صعب وخلافة فرأس المال كما ذكرنا جبان ولن يأتي في بلد يقول بعض المسؤولين والإعلاميين أننا في حالة حرب مع الإرهاب ليل نهار ولا يتم عرض اي اي اي إيجابيات او نشر محاسن الدولة والإقتصاد المصري.
ان الاستثمار اجمالا مناخ لن يتحقق ان يتم جذب استثمار أجنبي وعمل طفرة به الا اذا احس المستثمر المصري برضاء وبدأ يعمل ويحقق ربح والدولة تزيل كل المعوقات من امامة وقتها سيتهافت المستثمر الأجنبي للدخول إلي سوق مستقر وثابت
ولتعلم الحكومة أن المستثمر لا يستقي منها المعلومات فقط بل يستقيها من السوق والتجار والمستوردين والمصنعين المحليين.
ونصيحة مني الي الحكومة..
لا تطلبوا من عقليات كانت سبب في إفساد الاستثمار والتجارة ان يقوموا بإصلاح أمر هم من افسدوه، فنصبح كمن يسقي شجرة صناعية ويجلس بجانبها ينتظر أن تثمر !!!!
استعينوا بالشباب المؤهل علميا وعمليا ، وكفاية كهنة آمون الراسخون بمعظم الوزارات.
بقلم: فتحى الطحاوى، نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة التجارية، ومرشح لعضوية محلس إدارة شعبة المستوردين العامة بالإتحاد العام للغرف التجارية
هذا المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه ، ولايعبر بالضرورة عن رؤية أو وجهة نظر الموقع