أقام المحامى علاء فاروق دعوة قضائية ضد الحكومة أمام القضاء الادارى يتهمها فيها بالامتناع عن تنفيذ المخصص الدستورى الخاص بمخصصات التعليم قبل الجامعى ، والتى نص دستور عام 2-14 على الا تقل عن 4% من الناتج المحلى الاجمالى ، وقد أجلت محكمة القضاء الادارى نظر الدعوة مطلع هذا الشهر .
“ايجى ايكونومى ” تنشر ملفا تحليليا عن الأسباب الموازنية استنادا الى دراسة ” المبادرة المصرية للحقوق الشخصية “
و للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء هذه الدعوى القضائية ،
تنشر ” ايجى ايكونومى ” ملفا تحليليا عن مخصصات التعليم قبل الجامعى خلال الخمس أعوام الماضية ،
استنادا على دراسة أعدتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ، ترصد عدد من المخالفات التى تمت فى اعداد موازنات التعليم قبل الجامعى .
وينص الدستور على أن يكون التعليم قبل الجامعى الزاميا حتى الثانوية العامة أو ما يعادلها ،
والا يقل الانفاق الحكومى عليه عن 4% من الناتج المحلى الاجمالى بدءا من العام المالى 2016/2017 .
قالت المبادرة فى دراستها ان الحكومة لم تلتزم بزيادة الموارد المخصصة الى هذا القطاع بما يتوافق مع مقصد الدستور الذى تضع أولوية للاهتمام بالمعلمين الذين وصفهم الدستور بانهم الركيزة الأساسية فى التعليم .
و النتيجة كانت حالة من عدم الرضا فى معظم البيوت بسبب سوء مستوى التعليم برغم المصروفات الباهظة التى تخصصها الأسر للدروس الخصوصية و مجموعات التقوية .
و تقع مصر فى مركز متأخر على مؤشر رأس المال البشرى الذى يصدره البنك الدولى قياسا بباقى الدول العربية او منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبالنسبة للعالم
ولم يطرأ أى تحسن على مركز مصر بين عامى 2018 ، و2020 ،
ويمثل مؤشر مخرجات التعليم السبب الرئيسى فى تأخر مركز مصر فى مؤشر رأس المال البشرى .
ووفقا للدراسة التحليلية التى نشرتها المبادرة المصرية ، فان مصر تعانى حاليا من نقص كبير فى الانفاق على التعليم ،
رغم ان حكومات مصر كانت توجه للتعليم المدرسى ما يوازى 5% من الدخل المحلى حتى وقت قريب .
تغير الوضع بحيث صارت تخصص مؤخرا حوالى ثلث النسبة التى تخصصها الدول النامية فى المتوسط ،
بحسب بيانات البنك الدولى أيضا .
و تعانى موازنة التعليم ، ليس فقط ، من نقص التمويل و لكن ايضا من سوء توزيع الموارد على المحافظات المصرية ،
وعلى سبيل المثال يبلغ نصيب الفرد فى محافظة الاسماعيلية نحو 9154 جنيها فى العام من مخصصات التعليم ،
فيما يقل نصيب الفرد فى محافظة الجيزة الى 2266.1 جنيها فى العام .
ويحصل طالب محافظة الوادى الجديد على أعلى نصيب للفرد بقيمة 15 ألف جنيه سنويا
وفى شمال سيناء يحصل الفرد على 12037 جنيها فيما تقل النسبة فى محافظات القاهرة الى 3830 جنيها ،
وفى الاسكندرية الى 3803 جنيها .
ووفقا للدراسة التى نشرتها المبادرة ، فانه على الرغم من ارتفاع نصيب الفرد فى محافظات الوادى الجديد و شمال سيناء ،
لا يوجد أى انعكاس لذلك على مستوى جودة التعليم هناك .
على الصعيد العالمى ، يبلغ نصيب الطالب فى الدول المتقدمة من أعضاء منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية ، نحو 11200 دولار فى العام أى أكثر من 20 ضعفا بالنسبة لأعلى مستوى للانفاق فى مصر .
رصدت المبادرة أيضا خللا فى توزيع مخصصات التعليم بين الوزارة و ما يتبعها من أجهزة ، وبين المدارس ،
و على سبيل المثال كان نصيب ديوان عام الوزارة فى ميزانية 2018/2019 ، نحو 5.9 مليار جنيه ، تتساوى مع مخصصات مدارس القاهرة كلها التى تضم نحو 1.4 مليون تلميذ .
نصوص الدستور
ينص الدستور على ان تويد مخصصات التعليم بزيادة الدخل القومى وترتبط تلك الزيادة أيضا بزيادة الضرائب ،
ولكن ما حدث فى التطبيق على أرض الواقع هو العكس ، فالانفاق على التعليم اتخذ الاتجاه المعاكس ،
حيث تقل نسبة مخصصات التعليم سنويا مقارنة بالناتج القومى ، ومن ثم اتسعت فجوة الانفاق على التعليم لتبلغ نحو 136 مليار جنيه فى موازنة العام المالى 2018 /2019 ،
وتعادل هذه لفجوة نحو 14% من مجموع الايرادات الضريبية وغيرها التى جمعتها الدولة فى نفس العام .
نصح صندوق النقد الدولى بزيادة مخصصات التعليم عبر رفع الضرائب على الشرائح ذات الدخول الاعلى بما يعادل 4% من الناتج القومى أى حوالى 200 مليار جنيه وضخها فى التعليم .
و فى الوقت الذى تسير فيه مخصصات الانفاق على التعليم فى الاتجاه المعاكس للنصوص الدستورية ،
فان الحكومة تولى اهتماما بعدد من القطاعات فى توزيع مخصصات الموازنة على رأسها ،
سداد أقساط القروض ، وفوائده فضلا عن مخصصات البرلمان والرئاسة و الاجهزة الرقابية .
ولا بد من الاشارة هنا الى التطور الذى طرأ على دعم الطاقة فى الموازنة العامة للدولة خلال اخر 5 سنوات ،
والذى انخفض الى خمس المخصصات السابقة وكان نتيجته زيادة أسعار كافة المواد البترولية
ومن بينها البنزين والسولا و انعكس ايضا على أسعار السلع الاساسية والخضروات والفاكهة ،
لما يمثله مدخل النقل فى أسعار تلك السلع ، كما أثر على أسعار المواصلات العامة التى يحتاجها المواطن العادى .
مبررات حكومية
تلتهم فوائد الديون نحو ثلث الموازنة ، ومن ثم تطرح الحكومة على باب التعليم نحو 10% من تلك الفوائد كفوائد على قطاع التعليم ،
وتضيف أيضا الى فاتورة الصحة نحو 5% من تلك الفوائد لتبرر انخفاض مخصصات كلا منهما
و بذلك توافق البرلمان والحكومة فى موازنة العام المالى 2016 /2017 ،
على تحميل قطاعات التعليم والتعليم والعالى و الصحة نحو 292 مليار جنيه من فوائد الديون ،
فضلا عن استخدام الناتج المحلى الاجمالى للعام السابق فى احتساب مخصصات التعليم للعام الحالى .
الاثار المترتبة على انخفاض الانفاق على التعليم
يؤدى انخفاض الانفاق الحكومى على التعليم الى تاكل دخل الأسرة ،فالاسرة المصرية تنفق فى المتوسط نحو 5184 جنيها يوجه معظمهم للدروس الخصوصية ، ويمثل الانفاق على التعليم نحو 9% من دخل الأسرة .
ووفقا للدراسة التى أعدتها الباحثة سلمى حسين ، فان المصريين ينفقن نحو نصف الانفاق على التعليم ،
فى الوقت الذى لا تلتزم فيه الحكومة بتنفيذ النصوص الدستورية .
وفى أكثر من تصريح ولقاء تعهدت الحكومة باستهداف زيادة الانفاق على التعليم و الصحة والتنمية الاجتماعية ،
كان اخرها اليوم عندما أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين
أن الحكومة تستهدف تعزيز أوجه الإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم والتنمية الاجتماعية، فى إطار تنفيذ استراتيجية بناء الإنسان المصرى، على نحو يضمن النهوض به: صحيًا، وتعليميًا، واجتماعيًا، من خلال التوسع فى مبادرات فعَّالة بأهداف محددة، يسهل قياس أدائها؛ بما يشعر معه المواطنون بثمار الجهود التنمية التى تقوم بها الحكومة .