أقامت كامكو إنفست ندوة لتزويد المستثمرين برؤى متعمقة حول أهمية الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة، كأحد فئات الأصول، وإلقاء الضوء على المشهد الدولي لقطاع الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة، ووضع التقييمات في ظل البيئة المتقلبة التي تشهدها الأسواق.
وألقى سليمان محمد الربيع، رئيس قطاع إدارة الاستثمار، كلمة ترحيبية قام من خلالها بتسليط الضوء على أهمية الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة، كفئة أصول تناسب المستثمرين ممن يسعون إلى التنويع وتكوين الثروات. وأشار إلى قيام كبار المستثمرين بما في ذلك صناديق الثروة السيادية وصناديق الهبات والمستثمرين المؤسسيين بتوسيع نطاق حصة استثماراتها في الشركات الناشئة والمبتكرة، كجزء من محافظهم الاستثمارية وحافظوا على هذا الاتجاه.
وأضاف أن قطاع التكنولوجيا شهد تراجعاً حاداً في قيمته خلال الأشهر القليلة الماضية. وقد انتقل ذلك من السوق العام إلى تقييمات الأسواق الخاصة. إلا أن تلك التطورات تحمل معها فرصاً كبيرة يمكن اقتناصها، حيث يعد هذا التراجع بمثابة فرز طبيعي لأفضل الشركات الناشئة والمبتكرة، حيث البقاء للأصلح. بالإضافة إلى ذلك، تساهم تلك الظروف في خلق فرص جيدة لبدء الاستثمار في ظل اعتدال التقييمات والتي يمكن الحفاظ عليها. ومن الناحية التاريخية، فإن أداء الاستثمارات التي صادفت سنوات صعبة كان أفضل بكثير من تلك التي عاصرت ازدهار الأسواق.
أدار فيصل العثمان، رئيس إدارة الاستثمارات الدولية في كامكو انفست، النقاش مع فهد الشارخ، مستشار لجنة الاستثمار لمدير صندوق JEDI لرأس المال المبتكر، وجيك زيلر، مؤسس “باورسيت” ومستشار صندوق JEDI لرأس المال المبتكر.
وبدأ العثمان بإلقاء نظرة عامة على الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة، كإحدى فئات الأصول التي تتميز بأداء يتجاوز توقعات المحللين، مؤكداً أن أنشطة جمع الأموال للشركات المبتكرة في الولايات المتحدة أصبح لها دوراً بارزاً وتشهد زيادة في المبالغ المجمعة على أساس سنوي. وأشار إلى بعض العوامل الرئيسية التي أدت إلى هذه الزيادة والتي تتضمن تحول ديناميكيات القطاع، وتسارع وتيرة تبني التكنولوجيا الحديثة، ودور التقدم التكنولوجي في تحسين جودة الحياة. هذا إلى جانب إمكانية تحقيق عوائد جذابة مع إحداث تأثير كبير وإيجابي، مما ساهم في تبني التوجه نحو الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة، كعنصر جوهري ضمن استراتيجيات الاستثمار طويلة الأجل للمستثمرين من المؤسسيات وذوي الملاءة المالية العالية.
واتفق المشاركون في الندوة على أن نسبة مخاطر الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة مبالغ فيها وتستند إلى بيانات قديمة تعود إلى التسعينيات والتي كانت بخسارة 51% ونسبة انخفاض في القيمة تبلغ حوالي 65%. أما اليوم، فإن متوسط نسبة الخسارة انخفض إلى ما يقارب 20% ويمكن أن يكون الأداء أفضل عند الاعتماد على خبرات المهنيين المتمرسين في هذا المجال ممن يتمتعون بخبرات هائلة في تحديد الفرص المناسبة للاستثمارات التي قام بتأسيسها وإدارتها قيادات مناسبة من رواد الأعمال. ونظراً لأن تقييم أصول محفظة الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة يحدث فقط عند فرصة زيادة رأس المال، فقد نجحت هذه الفئة من الأصول في اجتياز مرحلة التسعير الصعبة التي عاصرناها في عام 2022. وقد أفسح ذلك المجال لتلك الفئة من الأصول لتحقيق أفضل أداء مقارنة بكافة فئات الأصول الأخرى تقريباً.
ولم يعد الادعاء السابق بأن فرص الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة يتم عرضها بتقييم مرتفع مقارنة بالمتوسطات التاريخية صحيحاً، وذلك لأنه خلال عام 2022 برزت مجموعة من الفرص بخصومات شديدة مقارنة بالسنوات السابقة. وساهم ذلك في تزويد المستثمرين في الشركات الناشئة والمبتكرة بفرص هائلة لخلق القيمة على مدى السنوات القادمة، حيث يتم عرض هذه الاستثمارات الآن بأسعار أكثر جاذبية مما شهدناه في وقت سابق، وبالتالي تعزيز العائد المحتمل في المستقبل والحد من المخاوف السابقة المتعلقة بارتفاع التقييمات.
كما أكد المشاركون على أن سيليكون فالي تعد أكثر تطوراً مقارنة بالأسواق الأخرى كونها تتمتع بمحرك كبير للعوائد وبشبكة علاقات ذات تأثير إيجابي كما تعتبر مركزاً لجذب المواهب، والتمويل، والأهم من ذلك، الخبرات على مستوى العالم. كما توفر كل تلك المميزات سالفة الذكر على نطاق أوسع من المناطق الرئيسية الأخرى مجتمعة.
واضاف الشارخ أن الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة على مستوى العالم أصبح أكثر أهمية بسبب الحاجة إلى التحول والتغيير. فسيلكون فالي، على سبيل المثال، تتميز بأحد أكثر النظم البيئية التكنولوجية نضجاً ونشاطاً في كافة أنحاء العالم من حيث الابتكار واستراتيجيات التخارج. ويمتد هذا القطاع على مدار 70 عاماً تقريباً ويتسم بتركيز عالٍ من المواهب والابتكارات والأوساط الأكاديمية لريادة الأعمال ورأس المال، كما تلقى أسهم الشركات التي يبدأ طرحها للتداول العام اقبالاً ملحوظاً من المستثمرين.
وأضاف أن الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة قد شهد تطوراً ملحوظاً منذ عام 2000، حيث يقوم مديرو الصناديق باتباع نهج قوي لإدارة المخاطر. وتحيط صناديق الشركات الناشئة نفسها بمنتديات “حاضنات الأعمال” والاستشاريين، بالإضافة إلى تخصيص رأس المال لمتطلبات المتابعة. وتوفر هذه التدابير الإضافية موارد هامة تمكن الشركات الناشئة من إيجاد منتجات قوية تناسب الأسواق والتوسع وفقاً لذلك. ويجب أن يكون هناك توازن سليم للاستثمار في المديرين الناشئين وبشكل مباشر في الشركات التي تم اختيارها والاستثمار بها من قبل هؤلاء المديرين الناشئين لتوفير عوائد مقبولة ضمن نسب مخاطر متوازنة.
وفي الوقت الحالي، يتفوق أداء الشركات الناشئة والمبتكرة على فئات الأصول الأخرى في الولايات المتحدة، وخصص كبار المستثمرين المؤسسيين في العالم 5-15% من محافظهم الاستثمارية إلى الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة. وتمتلك بعض صناديق الهبات الأكثر نضجاً نحو 20% من الأصول المدارة في رأس المال الاستثماري، مثل مؤسسة جامعة ييل. ومن هذا المنطلق، يدرك المستثمرون المؤسسيين الأفضل أداءً أهمية الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة، وتأثيره الإيجابي على محافظهم الاستثمارية. وكان هذا الأمر من أبرز المحركات الرئيسية لزيادة مخصصات رأس المال الاستثماري، حيث بلغ في المتوسط 15% من محافظهم الاستثمارية.
من جهته، أشار زيلر إلى أنه يجب على المستثمرين إدراك أن ملف مخاطر الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة قد تغير، مع الأخذ في الاعتبار أن سوق اليوم ليس هو نفسه كما كان قبل 20 عاماً، مضيفاً أن القطاع قد شهد تطورات هائلة، وتعلم مديرو الصناديق من أخطائهم. حيث انه قبل حدوث فقاعة التكنولوجيا عام 2000، كان اعتماد مستثمري الشركات الناشئة والمبتكرة ينصب على الأموال والحظ، ومنذ ذلك الحين، بدأوا في تطبيق نهج إدارة مخاطر أكثر صرامة وانضباطاً، في ظل التركيز على كيفية إضافة القيمة وتوسيع نطاق شركات محافظهم الاستثمارية.
وأوضح زيلر أنه عند النظر إلى الاستثمار في الشركات الناشئة والمبتكرة، ينصب التركيز على المجالات التي يتم من خلالها تحقيق جميع العوائد، وعادة ما يتضمن ذلك أمثلة قليلة كبيرة الحجم ينتج عنها جميع العائدات. إلا إنه يفضل الاستثمار في فرصة واحدة تتركز فيها العوائد وتكون قادرة على تحقيق نطاق هائل مقابل الاستثمار في مئة شركة ناشئة أخرى ينتهي بها الأمر إلى ان تصبح غير ذات أهمية.
وعلى الرغم من أن سيلكون فالي تعد إحدى عاصمتي التكنولوجيا الرئيسيتين على مستوى العالم، إلا أن زيلر يعتبرها المحور المثالي للشركات الناشئة، وذلك بفضل النظام البيئي المبتكر والشبكة القوية من رائدي القطاع عبر القطاعات المختلفة. هذا إلى جانب أن تدفق صفقات رأس المال الاستثماري من سان فرانسيسكو أكبر بكثير من أي سوق آخر.
واختتم العثمان الجلسة بالتأكيد على أن كامكو إنفست تهدف إلى تزويد عملائها بإمكانية الوصول إلى أفضل فرص الاستثمار الناجح في فئات الأصول المختلفة، بما في ذلك الشركات الناشئة والمبتكرة. وتندرج مشاركة نهج خبراء الصناعة المخضرمين والناجحين في المناقشات المفتوحة تحت إطار التزام الشركة بتثقيف المستثمرين من خلال تقديم رؤية قيمة حول بعض الفرص المتاحة في عالم الاستثمار اليوم.