عقد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، مساء اليوم الثلاثاء، ندوة بعنوان: “قراءة بين السطور فى تقارير التصنيف الائتمانى بالتطبيق على تقارير موديز فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، تم خلالها عرض دراسة للمركز حول هذا الموضوع، تستخدم منهجية جديدة للتعرف على الأسلوب الذى يتم به التقييم الائتمانى، وإلى أى مدى يتأثر هذا الأسلوب بالوضع السياسى فى البلاد، من خلال تقييم ما يزيد عن 648 تقرير لمؤسسة موديز على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وما يعنيه فهم أسلوب إعداد هذه التقارير.
واستعرض الدكتور أحمد رجب مدرس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، نتائج الدراسة، موضحا أن وكالات التصنيف الائتمانى تلعب دورا هاما فى تحديد كمية المبالغ التى يمكن للدول اقتراضها وشروط هذا الاقتراض، فهى كما يتم وصفها حارس على الأسواق الدولية، مشيرا إلى أنها تعتمد على أربعة عوامل أساسية فى التقييم، وهى العوامل المالية، والعوامل الاقتصادية، والعامل المؤسسى، وعامل التعرض للمخاطر، ولكل منها وزنا نسبيا، مقابل اهتمام أقل بالعوامل السياسية والاجتماعية لصعوبة قياسها وربطها بنتائج التصنيف.
وأكد رجب، أن الدراسة بينت تزايد اهتمام وكالات التصنيف – بالتطبيق على تقارير موديز – بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل كبير خاصة فى فترة ما بعد ثورات الربيع العربى عام 2011، ولم يقتصر ذلك على الدول التى شهدت الثورات، ولكن فى العديد من دول المنطقة، كما زاد الاهتمام بالجوانب السياسية بشكل كبير فى تقارير التصنيف.
ووجه رجب عدد من الرسائل من واقع نتائج الدراسة، مطالبا متخذى القرار بعدم قصر اهتمامهم على العوامل والمؤشرات المالية والاقتصادية، وإيلاء الجوانب السياسية والاجتماعية اهتماما مماثلا فى ظل اهتمام وكالات التصنيف بالنظر إلى هذه العوامل بشكل أكبر، وأن يكون لديهم قراءة فى تغيرات منهجية وكالات التصنيف الائتمانى.
ودعا رجب المستثمرين إلى الاهتمام بشكل كبير بالتقارير التى تصدرها هذه المؤسسات، وليس فقط نتائج التصنيف للدول المختلفة، ووضع الأحداث فى سياقها الطبيعى بهذه الدول، وطالب وكالات التصنيف فى نفس الوقت بضرورة تحديد جوانب اهتمامها بالعوامل السياسية، والتى يتم ربطها بنتائج التصنيف، لمزيد من الشفافية.
وأكدت الدكتورة عبلة عبد اللطيف الرئيس التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، أنه فى ظل الرغبة فى جذب المزيد من الاستثمار، وسعى المستثمرين للاعتماد على هذه التقارير فى تحديد قراراتهم الاستثمارية، على ضرورة عدم التأثر بأرقام قد لا تعكس الوضع الحقيقى على الأرض، وأعلنت عن استعداد المركز للتعاون مع وزارة المالية للقيام بدراسات أكثر تعمقا فى تقارير التصنيف الائتمانى عن مصر، وتغيرات المنهجية والتوجهات فى إعداد هذه التقارير.
من جانبه قال أحمد كوجك نائب وزير المالية للسياسات المالية، أن تصنيفات وقرارات مؤسسات التصنيف الائتمانى مؤثرة فى قرارات المستثمرين خاصة مستثمرى أدوات الدين، وهناك ربط بين نتائج التصنيفات وحركة دخول وخروج الاستثمارات الرأسمالية، وتساءل كوجك عن طبيعة تأثير هذه التقارير فى ظل وجود اتفاق مع صندوق النقد أو برنامج تمويلية مع مؤسسات التمويل الدولية من عدمه.
وأكد كوجك على أهمية نتائج الدراسة فيما يتعلق بزيادة اهتمام مؤسسات التصنيف بالعوامل السياسية والاجتماعية، لافتا إلى أن هذه المؤسسات تطلب اجتماعات مع جهات بعينها خلال إعداد هذه التقارير وهى وزارات المالية والتخطيط والبنك المركزى، مشددا على أهمية تنظيم لقاءات أيضا مع وزارات الخارجية والتضامن لتوضيح الصورة بالنسبة للجوانب السياسية والاجتماعية بشكل حقيقى فهم الأقدر على توضيح هذه التطورات باعتبارهم المسئولين عن هذه الملفات.
وأشار محمد سيف الشريك المؤسس والمدير العام لشركة lakemore partners، إلى عدم الاعتماد بشكل كامل على تقارير التصنيف كمصدر وحيد فى قرارات الاستثمار او الاقتراض، وهناك عناصر أخرى، ولكنه طالب بضرورة عمل حوار مباشر مع المستثمر لتوضيح الحقيقة على أرض الواقع.
وأشاد هانى توفيق رئيس مجلس الإدارة للمستثمرون الدوليون، بأهمية الدراسة، مشيرا إلى اهتزاز ثقته كمستثمر فى وكالات التصنيف الائتمانى خاصة بعد تعرض شركة التأمينات الأمريكية الكبرى AIG للإفلاس فى اليوم التالى لإعلان تصنيفها عند مستوى A+، حيث لا يأخذ هذه التصنيفات بعين الاعتبار إلى فى حدود 10 – 20% عند اتخاذ القرار الاستثمارى.
وقال توفيق إنه بالنظر إلى وضع مصر، فهناك تحذيرات عديدة من ارتفاع حجم الدين العام والذى يعد ثانى أكبر دين عام كنسبة إلى الناتج المحلى الإجمالى فى الدول الناشئة، بالإضافة إلى وجود أعلى سعر فائدة حقيقى فى العالم فى مصر، كما أن الجنيه المصرى كان مقوما بأعلى من سعره، ورغم كل هذه التطورات لا يتغير تصنيف الاقتصاد المصرى على مدار الأعوام الأربعة الماضية، لافتا إلى أن هذه الوكالات تحصل على بياناتها من المؤسسات الحكومية كما هى بدون أى نوع من التعليقات، واصفا هذه التقارير بالـ”مسيسة” ولابد من أخذها بحذر شديد.