أظهرت نتائج تقرير بارومتر الأعمال الصادر عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية اليوم الأربعاء، استمرار تراجع مؤشر أداء الأعمال خلال الربع الأخير من عام 2023؛ حيث شهدت الفترة محل الدراسة (أكتوبر -ديسمبر 2023) استمرار تراجع مؤشر أداء الأعمال مسجلا انخفاضا بمقدار ثلاث نقاط عن المستوى المحايد، ومحققا قيما أقل من الربع السابق بنقطتين وأفضل من المناظر بنقطتين.
ويعكس هذا الأداء استمرار الضغوط التي تواجه مجتمع الأعمال نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، وعدم توافر مستلزماته بسبب نقص العملة الأجنبية، مع عدم استقرار سعر الصرف. وعلى المستوى الكلي، تعاني الشركات من تراجع الطلب المحلي نتيجة ضعف القوة الشرائية مع استمرار التضخم، بالإضافة لتراجع الطلب الخارجي بسبب الظروف غير المواتية عالميا وإقليميا.
ووفق التقرير، انخفض مؤشر توقعات الأداء خلال الربع (يناير -مارس 2024) عن المستوى المحايد بنقطة واحدة، وإن كان أعلى من الربع السابق بنقطتين، وأقل من الربع المناظر بـ 6 نقاط، وهو ما يعكس توقعات الشركات باستمرار الصعوبات التي تواجهها من نقص المواد الخام، وارتفاع أسعارها، وعدم توافر العملة الأجنبية ناهيك عن تطورات الأحداث الجيوسياسية التي تمر بها المنطقة والتوقعات بانخفاض أداء الشركات.
ورصد التقرير أهم المعوقات التي واجهت مجتمع الأعمال خلال الربع محل الدراسة، حيث لا تزال المشكلات المرتبطة بارتفاع معدلات التضخم تتصدر قائمة المعوقات بالنسبة لكافة الشركات خلال الربع الحالي نظرا لتداعياته على جانبي العرض والطلب، فمن ناحية تسبب ارتفاع التضخم في تراجع الطلب على المنتجات، ومن ناحية أخرى أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبالتالي تراجع العرض، ومطالبة العمال برفع الأجور بصورة مستمرة، وانخفاض حجم الأعمال، وعدم توافر سيولة نقدية للاستثمار.
وتأتي في المرتبة الثانية التحديات المرتبطة بسعر الصرف نظرا لما يسببه من معاناة مجتمع الأعمال نتيجة اضطراب في توافر العملة الأجنبية اللازمة للاستيراد، وارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه وما يتبعه من ارتفاع في أسعار معظم السلع والخدمات، بالإضافة إلى تشوه سعر الصرف لوجود أكثر من سعر بالسوق وعدم وضوح سياسة سعر الصرف، وبالتالي عدم القدرة على وضع تقديرات لأسعار المنتجات للتعاقدات الآجلة.
وجاء ارتفاع تكاليف الإنتاج في المرتبة الثالثة حيث يؤدي الارتفاع المستمر في تكاليف الإنتاج إلى حالة من عدم الاستقرار في السوق، ومن ثم تراجع معدلات المبيعات وتحقيق خسائر للشركات. بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الشحن البحري، واضطراب سلاسل الإمداد العالمية، ونقص الخامات وزيادة أسعارها مما يترتب عليه عدم القدرة على المنافسة في الأسواق الخارجية وضعف المبيعات في الأسواق المحلية؛ ويليه تخبط السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية والتي تتمثل في اتخاذ قرارات متضاربة وعدم مشاركة ممثلي القطاع الخاص في وضع السياسات وغياب الإصلاح المؤسسي وغياب الرؤية طويلة الأجل.
ويأتي ضعف القوة الشرائية في المرتبة الخامسة يليها المنظومة الضريبية في المرتبة السادسة كمعوق للاستثمار لأنها لا تتفهم طبيعة أعمال الشركات وتقديرات جزافية وفحص ضريبي لسنوات سابقة. يليها إجراءات التعامل مع الجهات الحكومية وتأخر الإجراءات وطول المدة التي تستغرقها.
وحول أهم أولويات تحسين مناخ الأعمال في مصر من وجهة نظر شركات العينة، تستمر معالجة ارتفاع معدلات التضخم على رأس الأولويات التي ترى شركات العينة ضرورة العمل عليها لما لها من تأثير سلبي على كافة القطاعات، يليها الاهتمام بآليات التحول الرقمي في المرتبة التالية لما يترتب عليه من تحسين مناخ الأعمال ثم تحسين سياسات الاستثمار مع ضرورة مشاركة رجال الأعمال في اتخاذ القرارات الاقتصادية، وضرورة منع منافسة الجهات السيادية للقطاع الخاص، وتسهيل الإجراءات الحكومية، وربط الهيئات الحكومية المختلفة ببعضها، والقضاء على البيروقراطية، وتقليل الوقت والمجهود.
ومازال الطلب على تحسين المنظومة الضريبية وتقليل عدد الأوعية الضريبية من الأولويات التي يمكن أن تكون أداة في تحسين مناخ الاستثمار مع تخفيض الرسوم الحكومية بوجه عام.