بعد ما يزيد عن العام ، قرر صندوق النقد الدولي الافراج عن شريحتين متأخرتين من تمويل كانت قد توصل لاتفاق بصدده مع مصر في اكتوبر من عام 2022 ، كما وافق الصندوق أمس الجمعة علي زيادة قيمة التمويل الممنوع لمصر بواقع 5 مليارات دولار ، لتصبح القيمة الاجمالية للتمويل نحو 8 مليار دولار .
و بالأمس أعلن الصندوق اكتمال المراجعة الأولى والثانية للترتيب الموسع في إطار تسهيل الصندوق الممدد لمصر، ووافق على زيادة البرنامج الأصلي بنحو 5 مليارات دولار، ما يسمح للقاهرة بصرف نحو 820 مليون دولار.
اتفاق اكتوبر 2022
كانت الحكومة المصرية قد أعلنت التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2022 ، للحصول على قرض لمعالجة الفجوة التمويلية التي قدرها الصندوق وقتها بنحو 17 مليار دولار وحل أزمة النقد الأجنبي.
واستلمت مصر أول دفعة من صندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022 ، و كان من المقرر استلام الدفعات الباقية في مارس وسبتمبر من كل عام وتحديداً من 2023 إلى 2026.
الخطة التمويلية لم تسير علي ما يرام بسبب تأخير الصندوق للمراجعتين عدة مرات ، كنتيجة لعدم القدرة علي تنفيذ بنود برنامج الاصلاح الاقتصادي المصري ، و في مقدمتها تحرير سعر الصرف ، فضلا عن تأثر المالية العامة بأحداث الحرب الروسية الأوكرانية ، والعدوان علي غزة .
خطة الصندوق
أعقب قرار صندوق النقد الدولي أمس ، صدور تصريحات حول محتوي خطة الاصلاح الاقتصادي والتي تتركز على نظام مرن لسعر الصرف، وتشديد مزيج السياسات بشكل كبير، والحد من الاستثمار العام، وتكافؤ الفرص للسماح للقطاع الخاص بأن يصبح محركا للنمو.
و قبل أيام رفعت الحكومة اسعار الوقود بواقع جنيه للتر الواحد ، والسولار بواقع 1.75 جنيها للتر الواحد ، و سبق هذا الاجراء اتخاذ قرار بتحرير سعر الصرف ، فارتفع معدل سعره في السوق الرسمية من نحو 31 جنيها الي نحو 49 جنيها حاليا ، كما نفذت قرارا بتشديد السياسة النقديو من خلال رفع سعر الفائدة بنحو 600 نقطة مئوية ، واعلنت وزارة المالية انها وضعت سقفا للاستثمارات العامة بواقع تريليون جنيه فقط لافساح المجال أمام القطاع الخاص .
ووصف بيان الصندوق صفقة رأس الحكمة التي نفذتها الحكومة قبل أيام أيضا بأنها تخفف من ضغوط التمويل على المدى القريب، إلا أن تنفيذ السياسات الاقتصادية في إطار البرنامج يظل أمرًا بالغ الأهمية لمواجهة تحديات الاقتصاد الكلي في مصر. وسيكون التنفيذ القوي للإصلاحات الهيكلية أمرا بالغ الأهمية لتحقيق فوائد تحسين بيئة التمويل
وقالت كريستالينا جورجييفا، مديرة صندوق النقد في البيان:” تواجه مصر تحديات اقتصادية كلية كبيرة أصبحت إدارتها أكثر تعقيدا بسبب تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة، كما تؤدي الاضطرابات في البحر الأحمر إلى انخفاض إيرادات قناة السويس، التي تعد مصدرًا مهمًا لتدفقات النقد الأجنبي والإيرادات المالي.
تمويل اضافي من صندوق الصلابة و الاستدامة
في نفس الوقت أعلن الدكتور محمد معيط وزير المالية أن موافقة صندوق النقد الدولى على التسهيل الائتماني الممتد لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، يعطي لمصر الحق في التقدم لصندوق «الصلابة والاستدامة» للحصول علي تمويل طويل الأجل بتكلفة منخفضة جدا لمشروعات المناخ بقيمة 1.2 مليار دولار، مشيرًا إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي يستهدف استعادة الاستقرار الاقتصادي ويحظى بدعم وتمويلات إضافية من مؤسسات التمويل الأخرى وشركاء التنمية الدوليين، يتجاوز20 مليار دولار، بخلاف 35 مليار دولار من صفقة «رأس الحكمة»، على نحو يخفف القيود التمويلية على المدى القصير والمتوسط.
وقف أي مشروعات تستنفذ الدولار
و قال محمد حسن العضو المنتدب لشركة الفا لادارة الاستثمارات المالية ، ان دخول الحصيلة الدولارية يبدو كوضع التحسن المؤقت اذا لم يتم استثماره بالشكل الجيد من خلال مشروعات ضخمة ذات عوائد ، فهذه الحصيلة الدولارية رفعت علي الجانب الاخر معدلات الدين الخارجي ، ولها مواعيد سداد لابد من الالتزام بها .
أضاف حسن : لابد من وقف أي مشروعات تستنفذ الحصيلة الدولارية ، دون ان يكون عائدها دولاري ، مع الاتجاه نحو الاستثمار في قطاعات انتاجية ذخمة كالسيارات الأكثر مبيعا في الوطن العربي لتصديرها ، و تنشيط القطاعات الانتاجية التصديرية مع التركيز علي قطاع السياحة أيضا .
دخول السيولة الدولارية خفض الفائدة علي الأذون الحكومية
و تحدث حسن عن تأثيرات دخول تلك السيولة علي معدلات الفائدة علي الأذون والسندات الحكومية قائلا : ارتفعت أسعار الفائدة علي الأذون و السندات الحكومية خلال الأيام الماضية الي مستوي 32 % ، عقب قرار البنك المركزي برفع الفائدة بنحو 600 نقطة مئوية ، ثم عاودت الانخفاض الي مستوي 26 % ، بعد دخول السيولة ، وكذلك دخول الأموال الساخنة الهادفة للربح السريع .
مبادرات لخفض الأسعار بعد ارتفاع سعر الدولار الجمركي من 31 ال 49 جنيها
وفيما يخص اتخاذ أي اجراءات اقتصادية قوية خلال الفترة المقبلة ، قال العضو المنتدب لشركة ألفا لادارة الاستثمارات المالية ، ان الاجراءين الصعبين بشأن تحرير سعر الصرف و زيادة أسعار الوقود تم اتخاذهما بالفعل ولن يكون هناك اجراءات قوية ، لكن لابد من تخفيض أسعار السلع في السوق من خلال مبادرات من الحكومة ومن القطاع الخاص والمنتجين ، خصوصا بعد ارتفاع سعر الدولار الجمركي من نحو 31 جنيها الي مستوي ال 49 جنيها حاليا ، و هو ما سيكون له تأثر سلبي علي أسعار السلع حاليا .
.
تباطؤ معدل النمو
وو فقا لصندوق النقد الدولي ، فقد تباطأ النمو الاقتصادي إلى 3.8% في السنة المالية 2022/2023 بسبب ضعف الثقة ونقص النقد الأجنبي، ومن المتوقع أن يتباطأ أكثر إلى 3% في السنة المالية 2023/2024 قبل أن يتعافى إلى حوالي 4.5% في السنة المالية 24/25. ولا يزال التضخم مرتفعا ولكن من المتوقع أن يتراجع على المدى المتوسط مع استمرار تشديد السياسة.
ويرى الصندوق إن ظروف الاقتصاد الكلي منذ الموافقة على البرنامج في ديسمبر 2022 كانت صعبة، مع ارتفاع التضخم ونقص النقد الأجنبي وارتفاع مستويات الديون والاحتياجات التمويلية.
و تفاقمت أيضا البيئة الخارجية الصعبة الناجمة عن حرب روسيا وأوكرانيا في وقت لاحق بسبب الصراع في غزة وإسرائيل، فضلا عن التوترات في البحر الأحمر