تستعد مصر خلال الساعات القليلة المقبلة لإعلان قرار جديد بشأن أسعار الوقود، وسط توقعات بزيادة قد تصل إلى 25% على بعض المنتجات البترولية، لتكون واحدة من أكبر موجات التحريك منذ سنوات.
آلية استرداد التكلفة: سياسة مُطبقة
منذ آخر تحريك للأسعار، بدأت الحكومة العمل بآلية استرداد التكلفة كبديل لنظام التسعير التلقائي. وتعتمد هذه الآلية على ربط أسعار الوقود محليًا بالتكلفة الحقيقية للإنتاج والاستيراد والنقل، مع إضافة هوامش تشغيل وربح، ما يضع الأسعار تحت تأثير مباشر لتقلبات النفط عالميًا وسعر الصرف محليًا.
“بنزين 92” أمام قفزة تاريخية وتثبيت السولار
مصدر مسئول أكد أن سعر لتر بنزين 92 قد يقفز بأكثر من 3 جنيهات دفعة واحدة، في ظل الفجوة بين الأسعار الحالية والتكلفة الفعلية. في المقابل، تتجه الحكومة للإبقاء على سعر السولار دون تغيير رغم التحريك المرتقب، نظرًا لتأثيره المباشر على تكلفة النقل الثقيل والسلع الغذائية، وحرصًا على عدم إضافة أعباء جديدة على سلاسل الإمداد والأسواق.
المراجعة المرتقبة لصندوق النقد الدولي
هذه التطورات تتزامن مع زيارة بعثة صندوق النقد الدولي إلى القاهرة خلال أيام لإجراء المراجعة الدورية للبرنامج الإصلاحي، والتي يتوقف عليها صرف شريحة جديدة من القرض بقيمة 820 مليون دولار.
ويُلاحظ أن تصريحات الصندوق أمس أكدت أنه لم يطلب من الحكومة رفع أسعار الوقود في الوقت الحالي، ما يعكس أن التحريك المرتقب هو جزء من السياسات الداخلية للحكومة المرتبطة بآلية استرداد التكلفة، وليس مطلبًا مباشرًا من الصندوق.
التضخم: الضغوط تتجدد
وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، سجل معدل التضخم السنوي في المدن المصرية نحو 29.5% في أغسطس 2025، منخفضًا من 31.2% في يوليو 2025، وهو تراجع طفيف بعد موجة ارتفاعات استمرت منذ بداية العام. ويرى محللون أن أي زيادة جديدة في أسعار الوقود، حتى مع تثبيت السولار، قد تضيف ضغوطًا تضخمية مؤقتة خلال الأشهر المقبلة.
التوازن بين الإصلاح والحماية
الحكومة تؤكد أنها ماضية في تنفيذ خطتها لضبط منظومة الدعم، مع التوسع في برامج الحماية الاجتماعية وتقديم دعم نقدي مباشر للفئات الأكثر احتياجًا، بما يخفف من حدة انعكاسات الزيادة على الشرائح محدودة الدخل.
مصر تقف على أعتاب أكبر تحريك لأسعار الوقود، مع اتجاه لتثبيت السولار لتقليل أثر القرار على الأسواق. وفي ظل معدلات تضخم ما زالت مرتفعة وزيارة وشيكة لصندوق النقد الدولي، تبدو السوق أمام مرحلة جديدة من التحرر الكامل للأسعار وربطها بالتكلفة الحقيقية، بينما تحاول الحكومة تحقيق توازن دقيق بين الإصلاح الاقتصادي وحماية الفئات الأضعف.







