في لحظة تُسجَّل بحروف من فخر في سجل الدبلوماسية الثقافية العربية، فاز الدكتور خالد العناني بمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) باكتساح غير مسبوق، بعد حصوله على 55 صوتًا من أصل 57، متفوقًا بفارق ساحق على منافسه من الكونغو. وبذلك يصبح العناني أول عربي في التاريخ يصل إلى هذا المنصب الدولي الرفيع، فاتحًا بابًا جديدًا أمام الحضور العربي في المؤسسات الأممية.
🔹 بداية الحلم.. من معابد مصر إلى منابر العالم
منذ توليه حقيبة وزارة الآثار ثم وزارة السياحة والآثار، أثبت الدكتور خالد العناني أن الثقافة ليست ماضياً محفوظاً في المتاحف، بل طاقة متجددة قادرة على دعم الاقتصاد وتعزيز الحضور الحضاري للدولة المصرية.
في عهده، شهدت مصر افتتاح المتحف القومي للحضارة المصرية واستقبال موكب المومياوات الملكية، وهو الحدث الذي أبهر العالم وجعل من القاهرة عاصمة عالمية للتراث الحي.
ورغم أن العناني انطلق من قلب الحضارة المصرية، إلا أن رؤيته لليونسكو تجاوزت الحدود، فكان شعاره خلال الحملة الانتخابية “التراث يوحّد العالم”، وهو ما انعكس في الدعم الواسع الذي حصل عليه من القارات الخمس.
🔹 دعم عربي وأفريقي واسع
الترشح المصري للمنصب الأممي لم يكن مجرد خطوة فردية، بل تجسيد لتكاتف عربي وأفريقي نادر، حيث حظي العناني بدعم رسمي من الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وعدد من الدول الأوروبية والآسيوية، ما أظهر ثقة دولية في قدرته على قيادة المنظمة في مرحلة تحتاج إلى إصلاح وتجديد.
وأشاد دبلوماسيون في باريس بأن فوزه جاء نتيجة “تحرك مصري محسوب ودبلوماسية ناعمة” نجحت في كسب تأييد أغلبية المجلس التنفيذي لليونسكو.
🔹 رمزية الفوز.. وانعكاساته
يُعد هذا الفوز تحولاً نوعياً في التمثيل العربي داخل المنظمات الدولية، بعد عقود ظل فيها المنصب حكراً على أسماء أوروبية أو آسيوية.
فاليوم، يرفع العناني راية العرب على قمة هرم الثقافة العالمية، ليعيد التوازن إلى مؤسسة تواجه تحديات مالية وفكرية كبرى، خاصة بعد انسحاب بعض الدول الممولة.
كما يُنتظر أن يُحدث توليه المنصب دفعة جديدة لملفات التراث في الدول النامية، وتعزيز حضور اللغة العربية داخل برامج المنظمة.
🔹 رسالة أمل.. من القاهرة إلى العالم
في أول تعليق له بعد فوزه، قال الدكتور خالد العناني إن انتخابه بهذا الإجماع “انتصار للثقافة كقوة ناعمة تجمع ولا تفرّق”، مؤكداً أن أولوياته ستتركز على دعم التعليم والبحث العلمي، والحفاظ على التنوع الثقافي في وجه العولمة.
وأضاف أن “مصر قدمت للعالم رسالة سلام منذ آلاف السنين، واليوم تجددها عبر اليونسكو في ثوب جديد”.






