أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن الاقتصاد الرقمى يُعد قاطرة التنمية المستدامة، فى ظل المتغيرات العالمية خاصة فى أعقاب جائحة كورونا، بما فرضته من أنماط غير تقليدية تجسدت فى العمل والتعليم عن بعد، والتوسع فى الخدمات المميكنة، والتجارة الإلكترونية؛ على نحو يتسق مع متطلبات الحد من انتشار هذا الوباء، موضحًا أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، بادر منذ توليه المسئولية، بتوجيه الحكومة بالمضي في تعظيم القدرات الرقمية للدولة، بما يجعلها أكثر قدرة على تحقيق المستهدفات الاقتصادية، وتلبية الاحتياجات التنموية للمواطنين؛ بما يمهد لبناء «الجمهورية الجديدة» والانتقال إلى «مصر الرقمية»؛ ويُسهم فى تعزيز حوكمة الأنظمة المالية وإرساء دعائم الشمول المالى، وضمان تحصيل حق الدولة، جنبًا إلى جنب مع تبسيط وميكنة الإجراءات، على نحو يُساعد فى تحفيز الاستثمار، وخلق نمط متطور من العمل الحكومى، يستطيع تقديم الخدمات المتميزة للمواطنين، على نحو أكثر تنوعًا وشمولًا مع اكتمال الربط بين العاصمة الإدارية الجديدة، والجهاز الإداري للدولة بشبكات تداول البيانات الحكومية بشكل آمن وسريع.
أضاف الوزير، فى مؤتمر أمن المعلومات والأمن السيبراني «CAISEC22»، أن القيادة السياسية، وضعت الأمن السيبراني للبنية التحتية المعلوماتية، فى مقدمة أولويات الدولة المصرية؛ فى ظل التحول الرقمى الذى تتسع روافده، وتمتد لمختلف القطاعات، وإدراكًا لأهمية إرساء دعائم حماية متكاملة لشبكات نقل البيانات ومنظومة التراسل والأرشفة الإلكترونية، وضمان التصدى لأي تهديدات سيبرانية، على نحو يُسهم فى توطين الخبرات العالمية، وسد أي ثغرات فى التطبيقات الإلكترونية، بأحدث الوسائل التقنية، لافتًا إلى أن مجمع الإصدارات المؤمنة والذكية، الأكبر والأحدث بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يسهم فى ترسيخ دعائم التحول الرقمى، بخلق بيئة أكثر حماية وتأمينًا للبنية المعلوماتية.
أشار الوزير، إلى أننا راعينا فى وزارة المالية، أهمية الأمن السيبراني، فى مختلف مراحل التحول الرقمى بالتنسيق مع الجهات المختصة، سواءً عند ميكنة إعداد وتنفيذ ورقابة الموازنة للعامة للدولة بتطبيق نظام إدارة المعلومات المالية الحكومية «GFMIS»، أو تنفيذ المشروع القومى لتحديث وميكنة منظومتي الضرائب والجمارك، أو تطوير منظومة «سلطة التصديق الإلكترونى الحكومية»، على النحو الذى يضمن توفير أقصى درجات الدقة والكفاءة والتأمين والحماية للأنظمة المالية والضريبية والجمركية المميكنة، والمعاملات الحكومية الإلكترونية بالتعاون مع الجهات المختصة فى مصر، وكبرى الشركات العالمية القائمة على تنفيذ مشروعات التحول الرقمى بمصلحتي الضرائب والجمارك، من أجل ضمان منع أى محاولة للاختراق أو التلاعب أو التزوير.
أوضح الوزير، أن تطبيق منظومة «GFMIS» بالجهات الموازنية بوحداتها الحسابية التي بلغت نحو ٢٦٣٧ وحدة حسابية، وربطها بمنظومة الدفع والتحصيل الإلكترونى «GPS»، وحساب الخزانة الموحد «TSA»، أسهم فى إغلاق الحسابات الختامية للموازنة المنتهية في نفس يوم نهاية السنة، وأن تعمل الموازنة الجديدة من اليوم الأول للسنة المالية الجديدة، على نحو يؤدى إلى تحقيق الشفافية وجودة الأداء، حيث تتمكن الجهات الممولة من الموازنة من الوفاء بمتطلبات أنشطتها وخططها المعتمدة وفقًا للمخصصات المالية المحددة؛ الأمر الذى يساعد فى الارتقاء بمستوى الخدمات وتيسير سبل تقديمها للمواطنين فى شتى القطاعات.
قال الوزير، إننا آثرنا تنفيذ «GFMIS» بعقول وطنية خالصة، وخبرات مصرية من الكفاءات النابهة التى تعمل بوزارة المالية، وقد تجاوزنا المخاوف المبدئية بما حققناه فى مشروع سابق لميكنة المعاشات، وتغلبنا على التحديات، وسجلنا إنجازًا جديدًا، خلال برنامج زمنى مكثف بدأ بمرحلة إلغاء الشيكات الورقية لجميع الوحدات الحسابية بإجمالى ٦١ ألف حساب تم إغلاقها خلال الفترة من ديسمبر ٢٠١٦ إلى نوفمبر ٢٠١٧ وبالتوازى تم العمل في تطبيق منظومة إدارة المعلومات المالية الحكومية فى الفترة من أغسطس ٢٠١٧ إلى مارس ٢٠١٨، مما شجعنا كثيرًا على استكمال مسيرة التحول الرقمى، وتوطين التكنولوجيا فى منظومات متطورة لضبط الأداء المالى للدولة.
أكد الوزير، أن «الموازنة الإلكترونية» جعلتنا نستطيع تحديد حجم إيرادات الخزانة العامة للدولة، وأيضًا حجم المصروفات بشكل لحظي، ومن ثم تقدير الموقف السليم اللازم لاتخاذ أي قرار دقيق يتعلق بالمالية العامة للدولة، والتعامل المرن فى ظل الأزمات والتحديات الداخلية والخارجية، لافتًا إلى أن هناك حرصًا متزايدًا على التوسع فى استخدام «الحلول التكنولوجية» بالضرائب والجمارك؛ لضمان التحديث المستدام للأنظمة المالية المميكنة، وفقًا لأحدث المعايير والخبرات العالمية؛ بما يتسق مع الانتقال التدريجي إلى «مصر الرقمية».
أضاف الوزير، أن منظومة الإجراءات الضريبية المميكنة الموحدة، ترجمة حقيقية لجهود دمج وتبسيط وميكنة إجراءات ربط وتحصيل الضرائب، على نحو دقيق يُراعى الخصوصية الفنية لكل ضريبة، ويعكس ما تضمنه قانون الإجراءات الضريبية الموحد من حقوق والتزامات على الممولين أو المكلفين، الذى يعتبر نقلة تشريعية غير مسبوقة، ترتقى بمنظومة الإدارة الضريبية المصرية إلى مصاف الدول المتقدمة، من خلال بناء نظام رقمى متكامل، وإتاحة الخدمات للممولين أو المكلفين إلكترونيًا دون الحاجة للذهاب إلى المأموريات.
قال الوزير، إن مصر استطاعت أن تكون من أوائل الدول بأفريقيا والشرق الأوسط في تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية، التى تُمكننا من متابعة التعاملات التجارية بين الشركات من خلال التبادل اللحظي لبيانات الفواتير بصيغة رقمية، على نحو دفعنا لاستكمال مسيرة التحول الرقمى بالإطلاق التجريبي لمنظومة «الإيصال الإلكتروني» لمتابعة التعاملات التجارية بين الممولين والمستهلكين لحظيًا في كل منافذ البيع والشراء وتقديم الخدمات بكل أنحاء الجمهورية.
أوضح الوزير، أننا نجحنا في الربط بين جميع الموانئ إلكترونيًا من خلال المنصة الإلكترونية الموحدة «نافذة»، واستحداث مراكز لوجستية للخدمات الجمركية، على نحو يُسهم في تحويل مصر إلى منطقة لوجستية عالمية متطورة ترتكز على التوظيف الأمثل للتكنولوجيا الحديثة لتعظيم الاستفادة من الموقع الجغرافي المتفرد، وتسهيل حركة التجارة الداخلية والخارجية، والانتقال من البيئة الورقية إلى الإلكترونية، على نحو أسهم في خفض متوسط زمن الإفراج الجمركى بنسبة ٥٠٪ وفقًا لدراسة تم إجراؤها بالتعاون مع البنك الدولى»، مشيرًا إلى أن نجاحنا في إطلاق منظومة التسجيل المسبق للشحنات «ACI» بالموانئ البحرية، دفعنا لاستكمال مسيرة النجاح بتطبيق هذه المنظومة على الموانئ الجوية تجريبيًا اعتبارًا من منتصف مايو ٢٠٢٢، بحيث يكون التشغيل الإلزامي للتسجيل المسبق للشحنات في الأول من أكتوبر المقبل، بما يُساعد فى تقليص زمن الإفراج الجمركي.