في حوار مع CNN الاقتصادية، فتح رجل الأعمال المصري كامل أبو علي رئيس مجموعة فنادق بيك الباتروس العالمية، خزائن أسراره، متحدثًا عن مشوار امتد من تجربة التهجير القاسية في بورسعيد وصولًا إلى بناء إمبراطورية فندقية وترفيهية تتوزع بين مصر والمغرب، وتمثل اليوم علامة فارقة في خريطة السياحة العربية.
نشأة صعبة صنعت التصميم
يروي أبو علي كيف كان طفولته في بورسعيد مليئة بالتحديات، قبل أن تتسبب حرب 1967 في تهجير آلاف الأسر، من بينها أسرته. ويقول: “التهجير لم يكن مجرد انتقال قسري من مكان إلى آخر، بل كان درسًا مبكرًا في قسوة الحياة، علّمني كيف أتشبث بأي فرصة.”
تلك التجربة المبكرة صاغت شخصية لا تعرف الاستسلام، فبعد انتقاله إلى القاهرة، ثم إلى أوروبا لاحقًا، جرّب أعمالًا متواضعة كبيع الشاي والقهوة والعمل الموسمي في جمع الكريز. ويعلّق: “كانت بداية متواضعة جدًا، لكنها غرست في داخلي قيمة الكفاح وأن النجاح ليس هدية من أحد، بل ثمرة عمل شاق.”
من فندق صغير إلى مجموعة إقليمية
انطلق كامل أبو علي في عالم السياحة من خلال استثمارات بسيطة، سرعان ما تحولت إلى سلسلة من الفنادق والمنتجعات. ويؤكد: “الفنادق ليست حجارة واسمنت، بل منظومة متكاملة من الخدمات، تخلق وظائف مباشرة وغير مباشرة، وتستدعي عشرات الصناعات المغذية.”
اليوم، تدير مجموعته أكثر من 25 فندقًا ومنتجعًا في مصر، بالإضافة إلى سبعة فنادق في المغرب. ويضيف بفخر: “أكبر شهادة نجاح لنا هي آلاف العاملين الذين يوفرون لقمة عيش كريمة لعائلاتهم من خلال هذه المشروعات.”
المغرب.. بوابة التوسع الخارجي
عن تجربته في المغرب، قال أبو علي إنه وجد هناك بيئة استثمارية جاذبة، مشيرًا إلى أن الحكومة المغربية قدمت كل أشكال الدعم للاستثمارات السياحية. وأضاف: “بدأنا في مراكش، ثم توسعنا إلى أغادير، واليوم لدينا مدينة مائية فريدة من نوعها. المغرب بلد مدهش، يملك مقومات سياحية عالمية.”
ولفت إلى أن ارتباطه بالمغرب ليس اقتصاديًا فقط، بل شخصيًا أيضًا: “أولادي يحملون الجنسية المغربية من والدتهم، وهذا جعل المغرب وطنًا ثانيًا بالنسبة لي.”
فلسفة الترفيه.. من الغردقة إلى العالمية
يرى أبو علي أن مستقبل السياحة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالترفيه، ويقول: “لم يعد السائح يكتفي بغرفة فندقية، بل يريد تجربة متكاملة.” ومن هنا أطلق مشروع نيفرلاند بالغردقة، الذي يُعد الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، إذ يجمع بين الفنادق والملاهي المائية والعروض الفنية.
ويكشف أن خطط التوسع تشمل تكرار هذه التجربة في شرم الشيخ ومرسى علم، بل والتوسع خارجيًا إلى المغرب. ويضيف: “الترفيه أصبح العنصر السحري لصناعة سياحة عصرية قادرة على المنافسة.”
دروس الأزمات والفرص
يتوقف أبو علي عند الفلسفة التي حكمت مشواره، موضحًا أن كل أزمة تحمل في طياتها فرصة. ويقول: “الأزمات تصنع رجال الأعمال الحقيقيين. في أكثر اللحظات صعوبة، وُلدت بعض أنجح مشاريعي. السر يكمن في القدرة على تحويل الأزمة إلى انطلاقة جديدة.”
ويشير إلى أن علاقته العميقة ببورسعيد، وتجربة التهجير، جعلته مؤمنًا بأن الإنسان لا ينهزم طالما ظل متشبثًا بالأمل.
رسالة إلى المستثمرين العرب
وجّه أبو علي عبر CNN الاقتصادية رسالة واضحة: “التعاون العربي في الاستثمار السياحي ليس خيارًا، بل ضرورة. المنافسة الإيجابية بيننا تصنع بيئة قوية قادرة على جذب السائح العالمي. وإذا توحّدت جهودنا سنصبح قوة لا يُستهان بها على خريطة السياحة الدولية.”
كما لم يغفل الإشارة إلى الدور الاجتماعي لمجموعته، موضحًا أن الاستثمار لا يقتصر على الأرباح، بل يتعداها إلى دعم المجتمعات المحلية، عبر توفير فرص العمل وتنمية البنية التحتية في المدن السياحية.
نظرة للمستقبل
يختم أبو علي حديثه بنظرة تفاؤلية: “الشرق الأوسط وأفريقيا يملكان ثروات طبيعية هائلة، لكن المطلوب هو الإدارة الحكيمة والاستثمار في الإنسان. أنا مؤمن أن السياحة ستبقى قاطرة الاقتصاد، وأن القادم سيكون أفضل إذا آمنا بقدراتنا.







