ارتفعت صادرات مصر السلعية غير البترولية خلال 2022 لـ 53.8 مليار دولار، مقارنة بـ45 مليار دولار العام الماضى، وإن الواردات غير البترولية سجلت 80 مليار دولار، بحسب ما أعلنه دكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء أمس الأربعاء.
وبالرغم من النمو الذي شهدته الصادرات السلعية علي مدار العام الماضي ، إلا أنها كانت لتكون أكثر من تلك المؤشرات لولا وجود أزمة الدولار التي أدت إلي تراجع نمو عدد من القطاعات عن المرجو أو المستهدف لها، فهل تكون الصادرات المصرية، فرس الرهان أمام الاقتصاد لسد جزء من احتياجات مصر من العملة الدولارية خلال 2023؟
يوضح عدد من رؤساء المجالس التصديرية، على أن تدبير العملة الدولارية اللازمة لاستيراد مستلزمات الإنتاج من الخارج سيظل التحدي الأكبر للشركات خلال عام 2023.
وأشاروا إلى أن الشركات بنت استراتيجيتها على خطط تحفظية بنسب نمو تقارب كثيراً أداء العام الماضي ، باعتبار أن العام الجاري سيغلب عليه طابع “الإصلاح” في جزء كبير منه.
وشددوا على ضرورة الاتجاه نحو تعميق التصنيع المحلي، وأن كان يتم تداوله كمصطلح منذ فترة طويلة ، لكنه أصبح هذا العام مسار إجباري يجب الالتفات له على هذا النحو، لأنه سيقلل كثيرا من الواردات في ظل أزمة العملة، خاصة لتصنيع المكونات والخامات اللازمة للتصنيع ومن ثم التصدير.
وبحسب شريف الصياد، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، فيؤكد على النمو الذي حققه قطاع صادرات الصناعات الهندسية خلال عام 2022، وإن لم يكن بنسب كبيرة، لكنه كان أداء جيد في ظل صعوبة تدبير الدولار خلال الأربعة أشهر الأخيرة من العام الماضي، وكان ليحقق مؤشرات أعلى من ذلك لولا صعوبة استيراد بعض الخامات.
وبحسب الصياد، فإن هناك انفراجة فعليه في تدبير العملة منذ قرابة 10 أيام ، مؤكداً على أن تحسن أوضاع التصدير سيرتبط باستمرار التدبير والإفراج عن الواردات خاصة مستلزمات الإنتاج ، مؤكداً على أنه تم تغطية البنوك لقرابة 40% من الاعتمادات اللازمة للاستيراد بالقطاع.
وشدد الصياد، على أهمية تعميق التصنيع المحلي خلال العام الحالي، لانه سيوفر دولار للدولة، خاصة إذا ما تم تنفيذه وفقاً لبرنامج متكامل يركز على تصنيع المكونات والخامات اللازمة لمراحل التصنيع.
وأشار إلي أن أغلب الشركات بنت توقعاتها خلال عام 2023، على أداء يشوبه الحذر، باعتبار أن جزء كبير من العام سيكون للإصلاح، ولذا توقعت الشركات نتائج أعمال اقرب ما يكون للعام الحالي.
كما أكد وليد جمال الدين، رئيس المجلس التصديري لمواد البناء ، على أن تدبير الدولار سيكون التحدي الأكبر للاقتصاد ولقطاع التصدير أيضا، خاصة لاستيراد خامات تشكل جزءا من تصنيع المنتج أو السلع الرئيسية للتصدير حتى وان كانت تدخل في التصنيع بنسبة ضئيلة جدا.
وشدد على أن أداء قطاع مواد البناء كان ليزيد عن ما حققه هذا العام ، لولا تسبب صعوبة تدبير الدولار في غياب عدد من مدخلات إنتاج الصناعة.
واصدر المركز المصري للدراسات الاقتصادية دراسة ،حول وضع مجتمع الأعمال لمستقبل الصادرات المصرية، وذلك يوم 17 يناير الجاري.
وأكدت الدراسة التي أجراها المركز، أن هناك حاجة ماسة لاستراتيجية تصدير جديدة قائمة على رؤية مجتمع الأعمال من القطاع الخاص، خاصة وأن صادرات مصر بشكل عام ضعيفة للغاية، ولا تتناسب مع قدراتها الحقيقية، كما أن المحاولات السابقة لوضع وتنفيذ استراتيجية تصدير صحيحة على أرض الواقع لم تنجح وهو ما يشير إلى افتقارها لعناصر النجاح، وعلى رأس هذه العناصر أن تكون مبنية على رؤية مجتمع الأعمال من القطاع الخاص المسئول الأول عن الإنتاج والتصدير، وليس على رؤية الدولة منفردة لما تتمنى تحقيقه.
وشدد المركز على أن الاستراتيجية الجديدة المطلوبة مُلحة للغاية في الوقت الحالي، نتيجة للتغيير الكبير في الظروف الاقتصادية العالمية والتى نتج عنها تحديات كبيرة تواجهها مصر، وفي نفس الوقت نتج عن نفس الظروف فُرص جديدة لمصر في الاستثمار والتصدير، لن تتحقق إلا من خلال استراتيجيات جادة عاجلة بفكر مختلف تماما عن كل ما سبق، لأنها كلها فرص ذات نطاق زمني محدود تتصارع عليها كل الدول المنافسة لمصر تصديرياً، مشيرا إلى أنه على المدى القصير والطويل على حد سواء فإن زيادة الصادرات السلعية هي ركن أساسي في حل مشاكل مصر الاقتصادية الحالية من خلال تخفيف مشكلة الديون الخارجية.
وتضمنت أهم الشروط المسبقة للنجاح في وضع وتنفيذ استراتيجية تصدير جديدة: تعاون الجهات الحكومية المختلفة في تحقيق الأهدف المرجوه للصادرات المصرية، بدلا من الوضع الحالي الذي تتنافس فيه الجهات المختلفة على حساب الإنتاج بشكل عام والصادرات بشكل خاص، وانتقال الالتزام السياسي بأولوية التصدير من أعلى مستويات القرار إلى كل المستويات التنفيذية حتى يغطي الهيكل الحكومي بأكمله بما فيها الجهات السيادية والأجهزة البيروقراطية المتعاملة بشكل مباشر مع أصحاب المصالح، بالإضافة إلى العودة بوزارة المالية إلى دورها الأصلي من توفير الموارد، وعدم التدخل في فنيات القطاعات المختلفة، كما حدث في برنامج المساندة التصديرية، والبدء الفوري في الإصلاح التشريعي والمؤسسي لكونهما المسئولان عن ضعف الأداء الحالي في كل المجالات.
وشددت الرؤية على ضرورة التطبيق الجاد والسريع لوثيقة ملكية الدولة التي أعلن عنها في اليوم الأخير من عام 2022 والتي تقضي بخروج الدولة والجيش والجهات السيادية المختلفة من أنشطة اقتصادية حالية ومستقبلي، بالإضافة إلى إنهاء التداخل بين دور منظمي القطاعات والعاملين فيه، فلا يجوز أن يضع المنظم القواعد ويدخل في التنفيذ منافساً للقطاع الخاص، بجانب وجود نظام رقابي فعال لأداء الحكومة بشكل عام، من خلال تقييم دورها، تقوم به جهات محايدة غير حكومية وجمعيات تمثل المستفيدين، بدلا من النظام الحالي الذي تقوم من خلاله الحكومة بتقييم أدائها بنفسها بلا مراجعة.
وتتضمن الإصلاحات المطلوبة تغييرات تشريعية ومؤسسية ضرورية من شأنها خلق مناخ مناسب لتعزيز القدرة التصديرية لمصر، وتحديداً وضع التصدير كأولوية أولى، وتغييرات جذرية في منظومة إجراءات التصدير والاستيراد، بما يضع مصر على نفس مستوى الدول المنافسة إقليمياً وعالمياً، وطرح قطاعي لأهم الإصلاحات المطلوبة المرتبطة بقطاعات بعينها وفقا لقواعد معلومات متكاملة عن إمكانات الإنتاج الحالية، وفرص التصدير المستقبلية وما يجب تذليله من عقبات وتبنيه من سياسات لتحقيق الأهداف، مع وضع آلية لتحديث دوري لقواعد البيانات.
وأكد الرؤية أن هذه الدائرة المكتملة للإصلاحات تترابط مع عدد من العناصر اللازم توافرها لتحقيق الرؤية، وهى توفير المناخ الملائم الذي يسمح بانطلاق التصدير، وتوفير المعلومات التي تسمح بوضع السياسات التفصيلية، التي تساعد على تحقيق هذه الفرص، لكل قطاع وتحديد الجهة المسئولة عنها، والإطار الزمني الضروري للتنفيذ، بالإضافة إلى خلق الحافز للقطاع الخاص المصري والأجنبي، للتوسع في الاستثمارات بما يسمح بتحقيق طفرة كمية ونوعية في الصادرات المصرية.
وأشارت الرؤية إلى تغييرات مؤسسية ضرورية من شأنها خلق مناخ مناسب لتعزيز القدرة التصديرية لمصر، وتحديداً وضع التصدير كأولوية أولى، وتتمثل فى: تنقية القوانين من خلال تفعيل جاد لمبادرة «إرادة» بإطار زمني محدد بالتزامن مع التغييرات الأخرى المطلوبة، وتغييرات في الاطار المؤسسي العام بما يحقق الحوكمة الرشيدة في كافة جوانب الاقتصاد (الفصل بين التخطيط والتنفيذ والتقييم)، بجانب إعادة الهيئات العامة إلى وضعها الأصلي كهيئات خدمية وليس هيئات اقتصادية.
وعلى جانب التغييرات الخاصة بالإطار المؤسسي بهدف الإسراع بحل مشاكل التصدير ووضعه كأولوية مطلقة لمصر، تتمثل التغييرات المطلوبة فى تسهيل وتبسيط نظم التقاضي، بالإضافة إلى إصلاحات ضرورية في منظومة التصنيع والاستثمار مع التركيز على هيئة التنمية الصناعية.
وأيضا هناك تغييرات محددة في الإطار المؤسسي بهدف الإسراع بحل مشاكل التصدير ووضعه كأولوية مطلقة لمصر، وتتمثل فى تفعيل دور المجلس الأعلى للتصدير بعد إعادة تشكيله بحيث يتحقق فيه التمثيل المتوازن بين ممثلي مجتمع الأعمال والتمثيل الحكومي مع وجود الترابطات الضرورية بالجهات الفنية ذات الصله، وأن يكون للمجلس مكتب فني حديث ومتخصص مسئول عن جمع وتحليل المعلومات، وضرورة تمتع المجلس بالاستقلالية والتمكين الكاملين والشفافية المطلقة. ويقوم المجلس بوضع استراتيجية ومستهدفات التصدير التفصيلية بناء على قاعدة البيانات التي يتم جمعها وتحديثها دوريا عن القدرات الإنتاجية للقطاع الخاص في مصر وفرص التصدير وتكون قراراته نافذة.
شارك المركز المصرى للدراسات الاقتصادية فى رؤية مجتمع الأعمال لمستقبل الصادرات المصرية التى تم إعلانها فى احتفال جمعية المصدرين المصريين – إكسبو لينك بمرور 25 عاما على تأسيسها مساء الثلاثاء، حيث قام المركز بالبحث العلمى والصياغة للرؤية، وشارك فيها كل من: اتحاد الصناعات المصرية ، واتحاد الغرف التجارية، وجمعية رجال الأعمال المصريين، والجمعية المصرية لشباب رجال الأعمال، وجمعية رجال أعمال الإسكندرية، وغرفة التجارة الأمريكية، وكافة المجالس التصديرية السلعية، وخبراء مستقلون في التجارة والصناعة.
وتهدف إلى إعلان رؤية القطاع الخاص، لكيفية تحقيق مصر لكامل قدراتها التصديرية التي تتناسب مع ثرواتها وموقعها الجغرافي المتميز، ومن ثم تتبوأ الموقع الذي يليق بها على الخريطة العالمية للصادرات السلعية الآن ومستقبلاً. حيث يتخطى الهدف مجرد زيادة الصادرات المصرية أو حل بعض المشاكل الجوهرية المعروفة للجميع، وتعرض الرؤية من خلال طرح مجموعة من الأسئلة للإجابة عليها بهدف الوصول إلى “الدائرة المكتملة” من الإصلاحات الضرورية للوصول بمصر إلى المكانة التي تستحقها، ليس فقط في التصدير ولكن أيضا في الإنتاج والاستثمار والتشغيل.