تشهد البورصة المصرية حالة من الجدل، بسبب سهم بايونيرز بروبرتيز للتنمية العمرانية.
ورغم امتلاك الشركة أصولًا هائلة، فإن القيمة السوقية لأسهمها ما زالت تدور عند حدود متدنية جدًا، ما يثير تساؤلات حول مستقبلها الاستثماري.
فجوة صارخة بين القيمة الدفترية والسوقية
تُظهر القوائم المالية أن إجمالي أصول بايونيرز بروبرتيز بلغ نحو 66 مليار جنيه بنهاية النصف الأول من 2025، بينما تقترب حقوق المساهمين من 13.4 مليار جنيه. ومع ذلك، فإن القيمة السوقية للشركة لا تتجاوز 3 مليارات جنيه فقط، وهو خصم يتخطى 90% من القيمة الدفترية. هذا التفاوت يعكس أزمة ثقة، خصوصًا مع غياب توزيعات الأرباح منذ سنوات.
نتائج أعمال متناقضة: إيرادات تنمو وأرباح تتراجع
أظهرت القوائم المجمعة للنصف الأول من 2025 ارتفاع الإيرادات إلى 3.27 مليار جنيه مقابل 2.65 مليار في الفترة المقابلة من 2024، بزيادة قدرها 23%. لكن الأرباح الصافية هبطت 62% إلى 504 ملايين جنيه فقط، مقارنة بـ1.33 مليار العام الماضي.
وعلى مستوى القوائم غير المجمعة، جاءت الصورة أكثر صعوبة، حيث تراجع صافي الربح المستقل إلى 154 مليون جنيه فقط، مقابل 1.17 مليار جنيه خلال الفترة نفسها من 2024، وهو ما يعكس اعتماد الشركة الأم على أرباح الشركات التابعة في تدعيم أدائها.
قراءة أعمق في القوائم المالية
بيانات أكثر تفصيلًا تكشف أن الإيرادات التراكمية للشركة على مدار 12 شهرًا حتى يونيو 2025 بلغت حوالي 5.6 مليار جنيه، مقابل تكلفة إيرادات ~ 3.7 مليار جنيه، ليصل إجمالي الربح إلى 1.9 مليار جنيه.
لكن هذا الربح تآكل بفعل:
- المصاريف البيعية والإدارية التي بلغت نحو 899 مليون جنيه.
- تكلفة الفوائد المرتفعة التي تخطت 1.26 مليار جنيه.
- الضرائب التي سجلت نحو 83 مليون جنيه.
النتيجة: هوامش ربحية ضعيفة نسبيًا رغم النشاط التشغيلي الجيد، وهو ما يفسر التراجع الحاد في صافي الأرباح.
مبيعات تعاقدية قوية.. ولكن
خلال النصف الأول من 2025، سجلت الشركة مبيعات تعاقدية تُقدَّر بـ 13.7 مليار جنيه، ما يعكس وجود طلب قوي على مشروعاتها. لكن تأخر التحصيل والتنفيذ يحول دون ترجمة هذه العقود إلى تدفقات نقدية وأرباح سريعة، بينما الأعباء التمويلية مستمرة في الضغط على النتائج.
لغز تكرار شراء أسهم الخزينة
منذ سنوات، لجأت الشركة إلى شراء أسهم خزينة لدعم السعر، كان آخرها في يونيو 2025 بشراء نحو 35 مليون سهم من شركتي بايونيرز بروبرتيز وجدوى للتنمية الصناعية. غير أن هذه السياسة لم تنجح في تحسين ثقة السوق أو دعم العائد على الاستثمار، لتظل الأزمة قائمة.
أين عوائد المستثمرين ؟
تؤكد إدارة الشركة، برئاسة وليد زكي، أن غياب التوزيعات النقدية يرجع إلى سياسة إعادة استثمار الأرباح في توسعات جديدة، فيما يُستخدم برنامج أسهم الخزينة كوسيلة لحماية السهم من الضغوط.
لكن المستثمرين يرون أن هذه المبررات لم تعد كافية، وأن غياب العوائد الدورية جعل السهم أقرب إلى أداة مضاربية لا تعكس حجم الأصول الكبير.
بين الأرقام والسياسات.. أي طريق يختار السهم؟
الوضع المالي لبايونيرز بروبرتيز يعكس معادلة صعبة: أصول قوية ومبيعات تعاقدية مرتفعة، في مقابل أرباح متآكلة بفعل المصاريف والتمويل. وبينما تتمسك الإدارة بالتوسع، يطالب المستثمرون بعوائد نقدية تعيد الثقة إلى السهم.
ويبقى السؤال الأهم: هل يكفي رهان وليد زكي على التوسعات وأسهم الخزينة لإعادة التوازن، أم أن إعلان توزيعات أرباح نقدية سيكون الحل الحاسم لردم الفجوة بين قوة الأصول وضعف السوق؟







