في خطوة تكشف عن انتقال الحكومة من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ، أنهت الدولة مؤخرًا حصرًا شاملًا للشركات المملوكة لها، ليبلغ عددها بنهاية أغسطس الماضي 561 شركة تابعة لـ 45 جهة حكومية، وذلك تمهيدًا لتحديث برنامج الطروحات العامة خلال الأسابيع المقبلة. ويأتي هذا التطور باعتباره تنفيذًا عمليًا لوثيقة ملكية الدولة، التي حددت خريطة تواجد الحكومة في الأنشطة الاقتصادية، واستجابة واضحة من مختلف القطاعات لحصر نسب الملكية داخلها.
من الوثيقة إلى التنفيذ
وثيقة ملكية الدولة، التي أُطلقت في 2022 وتم تحديثها أكثر من مرة، وضعت إطارًا استراتيجيًا يقوم على ثلاثة مسارات: الخروج الكامل من بعض القطاعات، البقاء الجزئي في أخرى، مع الحفاظ على ملكية كاملة في قطاعات استراتيجية. الحصر الأخير جاء ليتحول من نصوص إلى أرقام دقيقة، تصنّف الشركات وفق نسب مساهمة الدولة، بما يسهل على المستثمرين قراءة المشهد الاستثماري واتخاذ قراراتهم.
أبرز نتائج الحصر
- تمتلك الدولة نسبة 75% أو أكثر في 257 شركة، فيما تتراوح مساهمتها بين 50 و75% في 41 شركة، وتنخفض إلى 25% في 69 شركة.
- على صعيد الأداء المالي: 364 شركة تحقق أرباحًا، مقابل 78 شركة خاسرة، و14 شركة متعادلة، بينما لا تزال 105 شركات تستكمل قوائمها المالية.
- نشاط الصناعات التحويلية يستحوذ على النصيب الأكبر (31.2%) بعدد 175 شركة، يليه الخدمات الإدارية والدعم (77 شركة)، ثم النقل والتخزين (50 شركة)، والأنشطة المالية والتأمين (49 شركة)، والعقارات (48 شركة).
استجابة من الوزارات والهيئات
الوزارات والهيئات المختلفة استجابت بشكل واسع للحصر، فجاءت وزارة قطاع الأعمال في الصدارة بـ 146 شركة (110 منها رابحة)، تليها وزارة التخطيط عبر بنك الاستثمار القومي (85 شركة)، ثم وزارتا الإسكان والتموين (44 شركة لكل منهما). كما برزت وزارات النقل (41 شركة)، الطيران المدني (39)، البترول (37)، المالية (31)، الكهرباء (25)، بينما جاءت وزارة الاتصالات في ذيل القائمة بـ 7 شركات فقط.
المعنى الاقتصادي والسياسي
هذا الحصر لا يقتصر على كونه خطوة إجرائية، بل هو رسالة ثقة للمستثمرين المحليين والأجانب بأن الحكومة جادة في تحديث برنامج الطروحات وتنفيذ التزاماتها أمام صندوق النقد الدولي بتوسيع مشاركة القطاع الخاص. كما يفتح الباب أمام إعادة هيكلة الشركات الخاسرة ودمج بعضها، وطرح الشركات الرابحة في البورصة أو بيع حصص لمستثمرين استراتيجيين، في مسار يهدف إلى إعادة تشكيل خريطة ملكية الدولة للاقتصاد.
مقارنة بين الوثيقة والحصر الأخير
| محاور وثيقة ملكية الدولة | نتائج الحصر الأخير |
|---|---|
| الخروج من قطاعات غير استراتيجية مثل العقارات والتجارة | 48 شركة عقارية و42 شركة في تجارة الجملة والتجزئة مرشحة للطرح أو التخارج |
| البقاء الجزئي في أنشطة مثل النقل واللوجستيات | 50 شركة في قطاع النقل والتخزين بحصص متفاوتة للدولة |
| البقاء الكامل في قطاعات استراتيجية (الكهرباء، البترول، الطيران) | الكهرباء 25 شركة، البترول 37 شركة، الطيران 39 شركة، بحصص حاكمة |
بهذا المعنى، يمثل الحصر الجديد أداة تنفيذية للوثيقة، ورسالة إلى الأسواق بأن مرحلة الإفصاح والشفافية بدأت بالفعل، وأن الدولة تقترب أكثر من إطلاق موجة جديدة من الطروحات العامة والخاصة خلال الفترة المقبلة.







