ابقت موسسة “ستاندرد أند بورز” العالمية للتصنيف الائتماني، تصنيفها الائتماني لمصر عند “بي بي +” على المديين القصير والطويل الأجل، مع نظرة مستقبلية مستقرة، رغم تداعيات تفشي وباء كورونا المستجد “كوفيد 19” عالميا، مؤكدة قدرة الاقتصاد المصري على امتصاص الصدمات الاقتصادية والخارجية المؤقتة.
وذكر تقرير المؤسسة، الذي صدر مساء أمس الأول، أن الاقتصاد المصري يتميز بالسيولة الكافية التي تمكنه من مواجهة التحديات والصدمات، ما يجعل احتمالات أي تراجع في الناتج المحلي الإجمالي مؤقتة، على أن يعاود الاقتصاد المصري انطلاقه، متوقعا تراجع معدلات الدين الخارجي والحكومي مع حلول 2022.
وأكد محمد معيط وزير المالية، أن قرار «ستاندرد أند بورز» يعكس ثقة المؤسسات الدولية، ومؤسسات التصنيف الائتمانى في قدرة اقتصاد البلاد على التعامل الإيجابي مع أزمة «كورونا» وتجاوزها، بسبب الإصلاحات الاقتصادية والنقدية والمالية التي اتخذتها القيادة السياسية وساندها الشعب خلال السنوات الماضية، مما أتاح قدرًا من الصلابة للاقتصاد القومي تمكنه من التعامل مع التحديات والصدمات الداخلية والخارجية.
أضاف الوزير، في بيان، أمس، أن هذا القرار يعكس أيضًا تقييم خبراء ومحللي مؤسسة «ستاندرد أند بورز» الإيجابي للسياسات الاقتصادية والمالية المتبعة التي تنتهجها الحكومة ووزارة المالية في التعامل مع الأزمة الحالية، ووجود قدر من التوازن في السياسات والإجراءات المتبعة لمساندة القطاعات والفئات المتضررة دون اتخاذ أي إجراءات قد تُحد من قدرة الاقتصاد المصري على التعافى السريع بعد انتهاء الأزمة الاستثنائية الراهنة التي تواجه الاقتصاد العالمي وكل الدول، إضافة إلى أن السياسات المساندة التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي المصري حتى الآن تُسهم في تجنيب البلاد أي أزمات تهدد استدامة استقرار الاقتصاد.
وأوضح أحمد كجوك نائب الوزير للسياسات المالية، أن مؤسسات التصنيف الائتمانى الثلاث الكبرى أجرت، منذ أول شهر مارس ٢٠٢٠ وحتى الآن، تعديلات في تقييمها وتصنيفها الائتماني لنحو ٤٧ دولة، حيث قامت بتخفيض التصنيف الائتماني، وأجرت تعديلًا سلبيًا على التصنيف لأكثر من ٣٥ دولة، ١١٪ منها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بينما جرى الإبقاء على التصنيف الائتماني لـ١٢ دولة فقط بينها مصر، ولم تحسن المؤسسات التصنيف الائتماني لأى دولة على الإطلاق منذ بداية أزمة كورونا العالمية، مشيرًا إلى أن مصر إحدى دولتين بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي جرى الإبقاء على تصنيفها الائتمانى والنظرة المستقبلية لاقتصادها.
أضاف أنه رغم أن التقرير الصادر عن «ستاندرد أند بورز» بشأن أداء الاقتصاد المصري يتوقع بعض التراجع في معدلات النمو المحلية في المدى القصير بشكل مؤقت، مع وجود ضغوط على مؤشرات المالية العامة والدين وأداء ميزان المدفوعات، إلا أنه يمكن حتى الآن احتواؤها والتعامل معها، لافتًا إلى أن خبراء مؤسسة التصنيف توقعوا عودة التحسن والمسار الإيجابي لمؤشرات المالية العالمة والمديونية مرة أخرى بداية من عام ٢٠٢١/ ٢٠٢٢.
وأشار التقرير إلى اعتزام الحكومة المصرية توفير حزمة مالية بقيمة ١٠٠ مليار جنيه «نحو ٢٪ من الناتج المحلي» للحد من التأثيرات السلبية لتفشي وباء كورونا على الاقتصاد المصري، والقطاعات والفئات الأكثر تأثرًا، لافتًا إلى حدوث بعض التباطؤ في النشاط الاقتصادي والتراجع النسبي في تقديرات المؤسسة لأداء المالية العامة والدين العام ليصل عجز الموازنة العامة إلى نحو ٨,٣٪ من الناتج المحلي في عام ٢٠١٩/ ٢٠٢٠، ووصول نسبة المديونية إلى ٨٩٪ من الناتج المحلي في يونيو ٢٠٢٠، وهو ما يقل عن نسبة المديونية المحققة في العام السابق التي بلغت ٩٠,٢٪ من الناتج المحلي.
وأكد التقرير قدرة الحكومة ووزارة المالية على عودة المسار النزولي للمديونية كنسبة من الناتج المحلي بداية من العام المالي ٢٠٢١/ ٢٠٢٢، مع التخارج من آليات المساندة الاستثنائية المعلن عنها مؤخرًا، وعودة النشاط الاقتصادي للمعدلات الطبيعية وانخفاض تكلفة خدمة الدين العام، متوقعًا أن يُحقق الاقتصاد المصري معدل نمو ٢,٨٪ عام ٢٠٢٠، بسبب تأثر قطاع السياحة بالأحداث العالمية الجارية، وتراجع نشاط قطاع الطاقة بتراجع قيمة الاستثمارات الأجنبية المتدفقة في المدى القصير.
وأشارت التوقعات المحدثة لمؤسسة التصنيف الائتماني إلى انكماش الاقتصاد العالمي بنحو ٢,٨٪ خلال العام الحالي بسبب انكماش النشاط الاقتصادي بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بنحو ٥,٢٪ و ٧,٣٪ على التوالي، بينما أشارت إلى بدء تعافي النشاط الاقتصادي المحلي في مصر بداية من النصف الثاني من عام ٢٠٢١ مدعومًا بتحسن معدلات الاستهلاك، وبدء تعافي معدلات وقيمة الاستثمارات العامة والخاصة.