توجهت الدولة المصرية الي التحول الرقمى عمليا , والتي بدأ القطاع المصرفي المصري في التوجه نحو تنفيذها في إطار رؤية ورغبة قوية للدولة المصرية للتحول الرقمي في ضوء رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030، و كان على رأس خطتها انشاء البنوك الرقمية .
وتعرف البنوك الرقمية Digital banks بأنها بنوك تعمل فقط من خلال شبكة الإنترنت وليس لها أي فروع أو بنية مادية سوى فقط مركز رئيسي للإدارة وعدد محدود من الموظفين لتطبيق معايير الرقابة والحوكمة، وتقدم نفس الخدمات التي تقدمها البنوك التقليدية، وكان أول ظهور للبنوك الرقمية عالميًّا في2015 ، وهو بنك مونزو Monzo البريطاني، الذى نشأ كأول مصرف ذكى دون فروع تقليدية، وأصبح لديه أكثر من 800 ألف عميل في الحساب الحالي، وعلى صعيد المنطقة العربية وعلى مستوى المنطقة العربية، فقد أطلق بنك المشرق الإماراتي أول بنك رقمي بنهاية 2017، ويقدم جميع الخدمات المصرفية ويحمل اسم المشرق نيو.
مع بدايات جائحة كورونا ، أستوجب ذلك من كل الأنظمة المصرفية العالمية والمحلية ومنها النظام المصرفي المصري ضرورة الحفاظ على كل المعايير والإجراءات المتعلقة بسلامة المتعاملين مع الجهاز المصرفي المصري وكذلك المحافظة علي صحة العاملين بالجهاز المصرفي مع المحافظة على الاستمرار في تقديم خدمة مصرفية متميزة للمواطنين، ومن هنا كانت نقطة الانطلاق الحقيقية نحو التفكير في الانطلاق نحو إنشاء فروع رقميه البنوك المصرية للحفاظ على شكل ومستوى الخدمة المصرفية المتميزة المقدمة للجمهور، وبدأت بعض البنوك العاملة تحت مظلة القطاع المصرفي المصري في تقديم الخدمات المصرفية بشكل رقمي تجنبا لأي تجمعات للعملاء، وتطبيقا لإجراءات واشتراطات السلامة الصحية، مما كان دافعًا قويًّا نحو الحاجة للعمل المصرفي الإلكتروني وتطويره بالشكل الذي يلبي كل الخدمات المالية المقدمة للعملاء ومن خلال الانتقال إلى التعامل الرقمي لضمان استمرار البنوك المصرية في تقديم خدماتها المالية للجمهور.
تضطلع البنوك الرقمية لتقديم شكل احترافي للعمل المصرفي بشكل يكسبه قدرًا من التميز ويرجع ذلك إلى أن البنوك الرقمية تتميز بقدرتها على الوصول إلى قاعدة عريضة من العملاء دون التقيد بمكان أو توقيت زمني معين، كما تتيح للعملاء إمكانية طلب الخدمة في أي وقت وعلى مدار أيام الأسبوع، وهو ما يمثل قدرًا من الراحة والرفاهية المصرفية للعملاء، كما تتميز البنوك الرقمية بأن تكاليف تقديم الخدمة المصرفية بها منخفضة مقارنة بالبنوك التقليدية، حيث إن تقليل التكلفة وتحسين جودة الخدمة المصرفية المقدمة للعملاء تمثل نقطة تنافسية تعتبر من عوامل جذب العملاء، حيث إن تكلفة تقديم الخدمات المصرفية من خلال الفروع التقليدية للبنوك تصل إلى 295 وحدة، في حين تصل إلى 4 وحدات لو تم تقديمها من خلال البنوك الرقمية، كما أنه من ضمن مميزات البنوك الرقمية هو ما توفره من معدلات عالية من الدقة في أداء وتقديم المعاملات المصرفية مقارنة بالبنوك التقليدية والتي قد تصل نسبه الخطأ في المعاملات اليدوية من خلال العاملين بها إلى 30% وهو ما لا يوجد بالبنوك الرقمية نظرا لاعتمادها على أحدث برامج ونظم الدفع الإلكتروني والتي تكاد معدلات الخطأ فيها أن تتلاشى، وأخيرًا ما تقدمه البنوك الرقمية من معدلات أمان عالية للعملاء في كل التعاملات البنكية والحفاظ على سريتها بشكل احترافي يمنع من اختراقها، وكذلك توفير قدر عالٍ من المرونة والاستجابة السريعة لكل طلبات العملاء، وكذلك قدرتها على تنويع ما تقدمه من كل المعاملات المصرفية طوال الوقت.
الجهود التي بذلتها مصر لمواكبة التحول الرقمي
انتهجت الدولة المصرية استراتيجية التحول إلى الاقتصاد الرقمي بإنشاء المجلس الأعلى للمجتمع الرقمي والمجلس القومي للمدفوعات، اللذيْن تم إنشاؤهما في 2017، ويقومان بالتنسيق مع عدة جهات أخرى، مثل وزارة التخطيط، ووزارة الاتصالات والبنك المركزي، فضلا عن إنشاء المجلس الأعلى للأمن السيبراني وإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتجارة الإلكترونية في 2017، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الانكتاد”، وذلك في إطار تشجيع التجارة الإلكترونية، وفي هذا الصدد نجد الجهود الحثيثة التي تبذلها أجهزة الدولة المصرية متمثلة في الآتي:
تدشين مشروع البنية المعلوماتية المصرية، لربط أكثر من 70 قاعدة بيانات حكومية ببعضها.
تفعيل منصة الخدمات الحكومية، والتوسع في تطويرها لتشمل ميكنة جميع الخدمات التي تقدمها الدولة، وكذلك خدمات المرور، ودفع جميع الفواتير بشكل إلكتروني.
إعداد الموازنة العامة للدولة في إطار منهجية البرامج والأداء.
- – تطوير النظم الضريبية والإقرارات الضريبية الرقمية.
- تفعيل الدفع الإلكتروني للمدفوعات الحكومية والتحول الرقمي الخاص بنظم التعاقدات الحكومية.
- إنشاء النافذة الواحدة بالجمارك المصرية.
- تدشين البوابة الإلكترونية لحجز الأراضي الصناعية خلال وزارة الاستثمار.
- ميكنة كل الخدمات الحكومية بجميع المحافظات، حيث تم التطبيق بمحافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس.
- إقامة العاصمة الإدارية الجديدة التي ترتكز على فلسفة التحول إلى حكومة رقمية.
دور القطاع المصرفي لدعم جهود الدولة في التحول الرقمي:
لم يكن القطاع المصرفي المصري يوما بعيدا عن التطور الرقمي، إذ لمس تحولا جذريا خلال السنوات الماضية، مدفوعا بالنمو الاقتصادي المطرد، واهتمام الدولة بتحقيق الشمول المالي، وسعي البنك المركزي لتذليل كافة المعوقات، والاتجاه بقوة نحو التحول الرقمي عبر التكنولوجيا المالية كواحدة من الأعمدة الرئيسية في بيئة ريادة الأعمال المصرية، مما يسهم بشكل فعال في الوصول إلى الشرائح المجتمعية، التي لا توجد لها تعاملات بنكية.
تحظَى الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بدعم ملحوظ من البنك المركزي، ويتضح ذلك من خلال المبادرات التي يقدمها البنك المركزي لتلك الشركات، وإتاحة تقديم طلبات الإقراض عبر المواقع الإلكترونية، ومنح القروض، وتحصيل أقساطها من خلال الوسائل الرقمية، لضمان وصول العملاء من مختلف المواقع الجغرافية، وإتاحة البنك المركزي للدفع عبر المحمول سيجعل البنوك تتحرك بوتيرة أسرع، خاصةً لتفعيل التمويل الرقمي ذي الحد الائتماني المنخفض، بناء على تكنولوجيا تحليل البيانات، كما أن رقمنة الخدمات المصرفية تخلق ما يعرف بعصر الشفافية الرقمية، حيث تتيح البيانات المطلوبة عن أنشطة العملاء، وتاريخهم الائتماني.